سجود السهو من السنن النبوية المأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي عبارة عن سجدتان يسجدهما المُصلِّي قبل التسليم من الصلاة أو بعدها مُباشرة، وقد عرَّف العلماء سجود السهو بأنه سجدتان يسجدهما المصلي إذا نقص في صلاته أو زاد منها أو شك في شيء منها أو سلَّم قبل تمامها ساهياً أو ظاناً بتمامها. فسجود السهو يكون في حالة وجود نقص أو زيادة في الصلاة، حيث أن هذا النقص أو الزيادة يُحدِثُ خللاً في الصلاة؛ فقد سنَّ المصطفى عليه السلام هاتين السجدتين لإتمام الصلاة وإصلاح الخطأ الوارد فيها.
على سبيل المثال، في الصلاة ذات أربع ركعات، فشكَّ المُصلي بأنه صلى ثلاث ركعات أو أربع، فإنه يبني على اليقين ويُكمل صلاته؛ ثم يسجد سجدتي السهو قبل التسليم من الصلاة، فإن تيقَّن بأن صلى ثلاث ركعات؛ فيُكمل الركعة الرابعة، وبعد أن ينتهي من التشهًّد يسجد سجدتين ثم يُسلِّم فوراً. أما إذا أكمل صلاته ثم تذكَّر بأنه قد صلى ثلاث ركعات بدلاً من أربع؛ فإنه يقوم مرة أخرى ويُصلي الركعة الرابعة ثم يسجد سجود السهو قبل التسليم كما بينَّا سابقاً. أما إذا نسي أحد الأركان وتذكَّره قبل انقضاء الركعة؛ فيقوم بإتمامه ولا شيء عليه، كأن يكون نسيَ قِراءة الفاتحة وباشر في قراءة سورة بعدها، ولكنه تذكَّر ذلك أو شك بحدوثه؛ فيقرأ الفاتحة قبل الركوع ويُكمل صلاته ولا شيء عليه، أما إن تذكَّر أو شك بهذا الأمر بعد انقضاء الركعة، فيجب عليه أو يسجد سجود السهو لتصحيح الخطأ الحاصل في صلاته. وإذا نسيَ ركناً بعد فوات وقته مثل أن يكون قد نسيَ الركوع؛ فلا يرجع إليه ويُكمل صلاته ويسجد سجود السهو قبل التسليم.
إن من رحمة الله بعباده والتخفيف وانقاص عليهم أن شرَّع لهم سجود السهو، فلولاه لكان لِزاماً على المُصلي الذي يشك في تمام صلاته أن يُعيدها كاملة مرة أخرى، ولكن الإسلام دين يسر وليس دين عسر، فكان سجود السهو من أجل التيسير على المسلمين. ولأن الدين الإسلامي وحدة واحدة؛ جاءت سجدتي السهو لتبيِّن هذه الوحدة، فهي تتفق مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (رفِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا علي)، فإذا الخطأ مرفوعاً؛ فليس من الحكمة أن يُعاقب عليه المصلي إذا نسي شيئاً في صلاته بأن يُعيدها كاملة، بل يسجد للسهو فتكون صلاته كاملة بإذن الله، وذلك كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا شكَّ أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى ثلاثاً أو أربعاً، فليطرح الشك وليبنِ على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان). وفي هذا الحديث بيان لتيسير الدين على أتباعه، فهو يطلب من المُصلي أي يبني على ما يتيقَّن سواء أكثر أو أقل، ولو كان الدين غير ذلك لطلب أو يكون التيقُّن على الأقل، مثال أن يشك صلى ثلاث ركعات أو أربع، فإن كان يقينه أربع ركعات فلا يزيد ويسجد سجود السهو، وإن تيقن من ثلاث صلى الرابعة وسجد للسهو قبل التسليم.