من أعظم الرزق الذي يَمُنّ الله به على عباده بعد رِزقِ الدّينِ والإيمان ، هو رزقُ الذريّةِ الصالحة ، فالإنسان يُحبّ أن يرى امتداد نسله وذريّته ويُحبّ يكون بذلك ذِكراً حَسَناً له بين الناس ، فليست العبرة أن يرزقك الله بالولد أو البنت فحسب ، بل قد يكون بعقوقهما لكَ أعظمُ الحرمان وأعظمُ الأسى ، لذا فإذا سألَ أحدٌ الله عزَّ وجلّ الذريّة فليسألهُ الذريّة الصالحة.
ولقد وصّف الله سبحانه وتعالى البنين بأنهم زينّةُ الحياة الدنيا ، نعم فهم سعة صدر ، وعون للأمّ والأب في هذه الحياة ، خصوصا عند المشيب والكبر ، فيحبّ الواحد منّا أن يجدَ ثمرة هذه التربية والعناء مع الأولاد والبنات على شكلِ مساعدةٍ منهم وعونٍ وطاعةٍ وحبّ.
فمن أولى الطُرق التي يجب عليك أن تتبّعها حتى تضمن أن يكون ابنك لك طائعاً ، أن تجعلّه طائعاُ لله ، أن تربّيه منذ الصِّغر ومنذ نعومة أظفاره على الإسلام والإيمان ، وعلى اداء شعائر الدّين وتعظيمها ، وعلى أن تجعله من الحافظين لكِتاب الله عزّ وجلّ ، وأن تجعله من الموقّرين لِسُنّةِ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فلا يُعقَل أن تربّيه على كل هذهِ المحامد من القرآن والسنّة وأن يعصيَكَ أو يَعقّك وهو يقرأ آيات الإحسان إليك في القرأن ، ويسمعَ أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهيَ تَصِفُ عقوق الوالدين بأنّه من الذنوب الكبائر.
وحتّى تجعل ابنك طائعاً لك ، عليكَ ان تكونَ أنتَ وتكوني أنتِ أيضاً من البارّين المطيعين لأبائكم وأمهاتكم ، ومؤدّين للفضل الذي لهم عليكم ، فإذا كنت بارّاً صالحاً ومُطيعاً لهم ، كانَ أبنائك بإذن الله تعالى مُطيعينَ لكَ بارّين تمام البرّ والإحسان لك.
وحتّى تجعلَ الأبناءَ يقومون لكَ مقامَ الطاعة ، فعليكَ كما قالوا قديماً أن تّعين أبناءك على طاعتهم وبرّهم لك ، فكما يقولون إذا أردت أن تُطاع فاطلب المستطاع ، وكذلك يقولون : أعينوا أبنائكم على برّكم ، فيكون ذلك بأن لا تُرهقهم بالأعباء التي لا يُطيقونها ، فيكون ذلكَ سبباً في نُفورهم منك ، وبُعداً عنك في كلّ أمر .
وحتى تُعينهم أيضا على طاعتك وتجعلهم لكَ من المطيعين ، أن لا تميّز بين أحد منهم على الآخر ، وأن تَقِفَ منهم جميعاً على مسافةٍ واحدة ، فعندما تُفضّل أحدهما على الآخر يكون ذلك بدايةً للحقد بينهم والشقاق ، وكذلك بدايةً لأن يروكَ أباً ظالماً أو أمّا ظالمة ، ولا يطيعونكم في الأمر من شيء.
وحتّى تجعلهم من المُطيعين ، ذكّرهم بارتفاع درجات البارّين ، وأهميّة البرّ ، وخوّفهم من العقوق وأنّه من الكبائر ، واستدلّ على ذلك من أحاديث وآيات قرآنيّة ، واروِ لهم القصص التي تخوّفهم من العقوق كأن تكون قصصاً من الواقع حدثت مع أناس تعرفهم ويعرفونهم.