بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد،
المعيار: هو مقياس ذو اعتبارات معينة تُوزن وتُقَيَّم عليه الأشياء للتأكد من صلاحيتها، والتمكن من الحكم عليها بناءً على تلك الاعتبارات. أو بعبارة أخرى: هو ضابط يتكون من اعتبارات معينة، حيث يُعْتَمد عليه لضبط الأشياء والحكم عليها. ويستطيع أي شخص أن يضع ما يشاء من المعايير والضوابط التي تُبْنى على اعتبارات مختلفة.
فإذا قلنا تعرف على ما هى معايير اختيار الألبسة؟ فإننا نتسائل هنا عن تلك المقاييس والضوابط التي تُأخذ بعين الاعتبار عند اختيار الألبسة، بحيث نختار تلك الألبسة بناءً عليها، فإذا جاءت تلك الألبسة موافقة لتلك المعايير والضوابط قبلناها، وإلا رفضناها.
وبناءً على ما سبق، لا يجوز للمسلم أن يختار الألبسة بناءً على معايير غير مستقيمة شرعًا، أو غامضة ومشبوهة، وإنما يجب عليه أن يتقيد بالمعايير والضوابط والأحكام الشرعية في اختياره لتلك الألبسة، فلا يختار من الملابس ما يُخالفها.
فمن المعروف أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما نص الشارع على تحريمه، فيدخل في هذا الأصل الكلي الألبسة، فالمسلم يختار ما يشاء من الألبسة، ويضع لنفسه ما يشاء من المعايير والضوابط التي يختار تلك الألبسة بناءً عليها، والتي تكون عادةً مبنية على الذوق. ولكن يجب عليه أن يُقَيِّم تلك الاختيارات التي بناها على تلك المعايير الوضعية على ضوء المعايير والضوابط الشرعية، فإن خالفت اختياراته المعايير والضوابط الشرعية تَوَجَّب عليه رفضها، وإن كانت متوافقه مع معاييره الوضعية، كما يَتَوَجَّبُ عليه أيضًا إلغاء تلك المعايير الوضعية المختلة والمخالفة للشرع.
فمن المعايير أو الضوابط الشرعية التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند اختيار الألبسة: أن تكون تلك الألبسة ساترة للعورة. وقد يكون لدى شخص معين معيار ذوقي مختل ومخالف للشرع، فيختار بناءً عليه ملابسًا غير ساترة للعورة، فهنا يكون قد وَقَعَ في المحذور الشرعي. فالواجب على هذا الشخص إلغاء ذلك المعيار الوضعي المختل؛ لأنه تعارض مع المعيار الشرعي الذي يقتضي أن تكون الملابس ساترة للعورة.
فالمعايير والضوابط والأحكام الشرعية لا تعلوها أي معايير أخرى، فلا يُقَدَّم أي شيءٍ عليها، وأي اختيارات تخالفها يجب رفضها، كما يجب استبدال الاختيارات المتوافقة مع المعايير الشرعية بتلك الاختيارات المخالفة.
تختلف المعايير الوضعية في اختيار الألبسة بين شخص وآخر؛ وذلك بسبب اختلاف الأذواق والرغبات والميول بين البشر، فقد يفضل شخص ما أنواع محددة من القماش، فيلتزم بها طوال حياته، وكذلك الألوان، وقد يغير ذلك الشخص تلك المعايير بين الحين والآخر.