في مرحلة الحمل تمرّ المرأة بمراحل عديدة ومختلفة منذ بداية الحمل في اليوم الأوّل، حتّى نهاية الشهر التاسع والولادة. بعد الولادة تمرّ الأمّ بمرحلة جديدة عليها أن تكون على استعداد لها نفسيّاً وجسديّا، ألا وهي مرحلة "النّفاس".
النّفاس هي الفترة التي تأتي بعد مرحلة الولادة، حيث تستعيد فيها الأمّ نظام جسمها الأصليّ قبل الحمل كأنثى. تبدأ هذه المرحلة بعد إنتهاء الولادة وخروج الجنين من بطن أمّه، وتستمرّ حتّى الست أسابيع تقريباً. في هذه المرحلة يعود الرّحم لحجمه الطبيعي رويداً رويداً، كما ويعود إلى وظيفته الأساسيّة قبل الحمل. وفي هذه المرحلة أيضاً تفقد الأمّ الدّم الذي إمتلأ به الرحم خلال الحمل، ويستمر خروجه إلى ما مدّته أسبوعين أو أكثر.
في مرحلة النّفاس تضعف مناعة الأمّ، وقد تصاب ببعض الأمراض. من هذه الأمراض أو المشاكل وعيوب التي قد تصيب الأمّ "حمّى النفاس". وحمّى النفاس هو أحد الأمراض الشائعة التي تصيب الأمّ بعد الولادة، وذلك نتيجة إلتقاط الأعضاء الجنسيّة للأمّ لبعض الملوّثات أو البكتيريا بسبب سوء الإستخدام الطبيّ للمعدّات الطبيّة وتلوّثها، مما قد يتسبّب في نقل الملّوثات إلى القناة التناسليّة للأمّ خلال عمليّة الولادة.
أمّا ما هى اسباب الإصابة بحمّى النفاس، فقد تكون قد انتقلت للأمّ بكتيريا كرويّة، أو ميكروبات عنقوديّة خطيرة، أو بسبب عدم التعقيم الصحيح لأدوات الجراحة، أو نتيجة عدم النظافة الشخصيّة للأمّ الحامل. وقد تكون الما هى اسباب إصابة الأمّ بإلتهابات في المسالك البوليّة، أو إلتهابات في الثديين، أو في الرحم. وقد تكون كثرة الفحص المهبليّ في الفترة الأخيرة من الحمل أحد الأسباب، وكذلك عدم لبس الممرضة والطبيب للكمامات والقفازات.
وأعراض هذا المرض وعلاماته كثيرة؛ منها إصابة المريضة بقشعريرة وارتفاع في درجة حرارة الجسم، كما وتصاب بالصداع الشديد والإعياء والتعب العام، وتشعر بآلام في أسفل الظهر، وآلام شديدة في منطقة الرّحم. كما تصاب الأمّ بغثيان وتقيّؤ وفقدان للشهيّة والأكل. كما تشتكي الأمّ من قلّة الحليب في الثّديين، ومن طفح جلدي.
أمّا علاج و دواء هذا المرض، فبعد ملاحظة الأعراض يجب على المريضة أن تتوجه للطبيب المختصّ لفحص وتشخيص المرض وعلاجه، حيث يتمّ عمل تحاليل للدّم وعمل أشعة صوتيّة لكشف المرض. ويكون علاجه بحقن المريضة بالمضادات الحيويّة مع تناول بعض الأدوية. كما يشمل العلاج و دواء مسكّنات للآلام، ومطّهرات للجروح، إضافة لأدوية خاصّة بالغثيان ومشاكل وعيوب التقيّؤ. كما تنصح المريضة بالرّاحة التّامة والتغذية الجيّدة لتعوّض عمّا فقده جسمها خلال الحمل والولادة. كما يجب عليها أن تحرص على شرب السوائل بكثرة، وتحرص على عمل كمادات باردة. وقد يحتاج العلاج و دواء إلى تدخل جراحي في بعض الأحيان، حيث يتمّ إزالة ما تبقّى في المشيمة.
والاحسن وأفضل من العلاج و دواء الوقاية، فعلي الأطبّاء والممرضين المسؤولين عن التوليد توفير الوقاية والعناية التّامّة للحامل حتّى لا تصاب بالمرض. فعلى الفريق الطبيّ أن يحرص على تعقيم كلّ الجروح الناتجة عن الولادة، حتّى لو كانت ولادة طبيعيّة. كما ويفضّل تقليل عدد مرّات الفحص المهبلي، حتّى لا تزيد فرص تعرّض المريضة للإلتهابات والجراثيم، وإذا كانت الأمّ تعاني مسبقاً من الإلتهابات المهبليّة قبل الولادة، يجب أن تخبر طبيبها المختص حتّى يتمّ أخذ الأمر بعين الإعتبار.