جدول المحتويات
طريقة غسل الجنابة للرجل
يوجد صفتان للغسل من الجنابة: (1)
- الغسل الواجب المجزئ، فمن قام به ارتفع حدثه، وهو قائم على شيئين: الاغتسال بنيّة أن يرتفع الحدث، وتعميم الماء على الجسد كله.
- الغسل الكامل، وهو الغسل الذي يجمع ما بين تعرف ما هو واجب ومستحبّ، حيث يقوم المسلم بغسل كفّيه، ثمّ يفرغ الماء بيده اليمين على شقّه الشّمال، ثمّ يغسل فرجه، ويتوضّأ بعدها وضوءاً تامّاً، ومن الممكن أن يؤخّرغسل رجليه إلى آخر الغسل، ويقوم بفرق شعر رأسه، ثمّ يحثو ثلاث حثيات من الماء على رأسه، حتى يتأكّد من ارتوائه تماماً، ثمّ يفرغ الماء على شقّه الأيمن، ثمّ على الشّق الأيسر، ويعتبر هذا الغسل هو الأتمّ والأفضل، والدّليل على ذلك ما ورد في الصّحيحين من حديث ابن عباس، عن خالته ميمونة ـ رضي الله عنهما ـ قالت: (أدنيت لرسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - غسله من الجنابة، فغسل كفّيه مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ أدخل يده في الإناء، ثمّ أفرغ به على فرجه وغسل بشماله، ثمّ ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكاً شديداً، ثمّ توضّأ وضوءه للصلاة، ثمّ أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفّه، ثمّ غسل سائر جسده، ثمّ تنحّى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، ثمّ أتيته بالمنديل فردّه).
آداب الغسل
إنّ من أهمّ الآداب المتعلقة بالغسل ما يأتي: (2)
- عدم إسراف المسلم في استعمال الماء، مع إحكامه للغسل: وجمهور العلماء على كراهة الإسراف في ماء الغسل، وقيل أنّه من الحرام الإسراف فيه، وقد اختار هذا القول كلّ من البغوي، والمتولي من الشّافعية، وقد اتّفق العلماء على أنّ لا شرط لاستعمال قدر معيّن من الماء، ويكفي أن تستوعب الأعضاء الماء كله، وقال النّووي: (أجمعت الأمّة على أنّ ماء الوضوء والغسل لا يشترط فيه قدر معيّن، بل إذا استوعب الأعضاء كفاه بأيّ قدر كان، وممّن نقل الإجماع فيه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري).
- الاستتار عن عيون النّاس: والسّتر يكون للجسد، ويكون للعورة مرّةً أخرى.
- التّسمية في بداية الغسل: وقد اختلف العلماء في التّسمية للغسل، ومن المعلوم أنّ الشّخص الذي يغتسل من الجنابة يتوضّأ قبل أن يغتسل، أو يغتسل بدون وضوء، وقد تمّ ترجيح قول أنّ التّسمية غير مشروعة في الوضوء، وهذا هو قول في مذهب المالكيّة، وقد جاء في التّاج والإكليل: (أنكر مالك التّسمية على الوضوء، وقال: ما سمعت بهذا، أيريد أن يذبح ؟).
- غسل الفرج وما به من أذى وذلك قبل أن يغتسل: ومن المستحبّ أن يقوم المسلم بغسل فرجه، وما به من أذى أو نجس، مثل المذي، أو ما كان طاهراً مستقذراً، مثل المنيّ.
فروض الغسل
إنّ للغسل فروضاً لا يتمّ إلا بها، منها: (2)
- أن يكون الماء طاهراً مع القدرة عليه: حيث أنّ الحدث لا يرتفع إلا مع الماء الطهور مع وجوده، ولا يرتفع الحدث عن طريق الماء النّجس، وهذا بإجماع العلماء، قال ابن المنذر: (قال تعالى: (فلم تجدوا ماءً فتيمّموا)، فالطهارة على ظاهر كتاب الله بكلّ ماء، إلا ما منع منه كتاب، أو سنّة أو إجماع، والماء الذي منع الإجماع الطهارة منه: هو الماء الذى غلبت عليه النّجاسة بلون، أوطعم، أو ريح)، ولا يرتفع الحدث باستعمال أيّ سائل آخر سوى الماء.
- أن ينوي الاغتسال: وهناك اختلاف بين العلماء في حكم النيّة في الطّهارة من الحدث عامّةً شواءً الحدث الأصغر والحدث الأكبر، وقد قيل:" النّية سنّة في طهارة الوضوء والغسل، شرط في طهارة التيمّم، وهو مذهب الحنفيّة "، وقد قيل:" النيّة شرط لطهارة الحدث مطلقاً الأصغر والأكبر، بالماء أو التيمّم، وهو مذهب المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة، وهو الرّاجح "، وقيل:" يجزئ الوضوء، والغسل، والتيمّم بلا نيّة، وهو قول الأوزاعي ".
- أن يعمّم جميع الجسد بالغسل: حيث اتّفق العلماء على أنّه من فروض الغسل أن يُعمّم المسلم جسده كله بالماء، وقد قام بنقل هذا الإجماع النّووي وغيره، والدّليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى: (ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) سورة النساء، 43 ، وقوله سبحانه وتعالى: (وإن كنتم جُنُباً فاطّهروا) سورة المائدة، 6 .
الأغسال المستحبة
إنّ من أهمّ الأغسال المستحبّة ما يأتي: (2)
- الاغتسال للإحرام: من السّنة لمن أحرم بالحجّ أو بالعمرة أن يقوم بالاغتسال لإحرامه، سواءً أكان رجلاً أم امرأةً، صغيراً كان أم كبيراً، حتّى من كانت حائضاً أو نفساء، وعلى هذا يكون مذهب الأئمّة.
- الاغتسال من حالة زوال العقل: ففي حال أفاق من كان مجنوناً أو مغمىً عليه، فإنّ من المشروع له أن يغتسل، وهذا ليس واجباً عليه، وقيل أنّ الغسل في هذه الحالات واجب، وهو قول في مذهب الحنابلة، وقد حكاه الرّافعي من الشّافعية وجهاً.
- الاغتسال في العيدين: فهناك اختلاف بين العلماء في غسل العيدين، حيث قيل أنّه من المشروع الغسل للعيدين، وهذا هو مذهب الحنفيّة، والمالكيّة، والشّافعية، والحنابلة، وقيل أنّه لا يشرع الغسل فيهما.
- الاغتسال عند صلاة الكسوف والاستسقاء: وقد استحبّ ذلك كلّ من الشّافعية، والحنابلة، وقيل أنّه من غير المستحبّ، وهذا هو قول في مذهب الحنابلة.
المباحات في الجنابة
يباح للجُنب عدّة أشياء ذكرها العلماء، وذلك لاحتمال حصول اللَّبس فيها عند بعض المسلمين، ومنها:
- الذّكر، والتّسبيح، والدّعاء: وذلك لما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (كان النبيُّ - صلّى الله عليه وسلّم - يَذْكُرُ اللهَ على كلِّ أحيانِه).
- الصّوم: يصحّ من الجُنب أداء الصّوم، وذلك بأن يصبح صائماً قبل أن يغتسل، لحديث سليمان بن يسار، (أنّه سأل أم سلمة رضي الله عنها عن الرّجل يصبح جُنباً أيصوم؟ قالت: كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يصبح جنباً من غير احتلام ثمّ يصوم) رواه مسلم .
- الأذان: يصحّ أذان الجُنب، مع أنّ جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم كرهوا ذلك.
- خطبة الجمعة: تجوز خطبة الجمعة من الجُنب مع الكراهة عند المالكيّة، وفي ظاهر الرّواية عند الحنفيّة، وهو قول الإمام أحمد، لأنّ الطهارة في خطبة الجمعة سنّة عندهم، وليست شرطاً، ولأنّها من باب الذّكر، والجنب لا يُمنع من الذّكر، وذهب الشافعيّة إلى اشتراط الطّهارة فيها، لمواظبة السّلف على الطّهارة فيها، وقياساً على الصّلاة، والرّاجح هو الأول، وممّا يُستحب للجنب أنّه إذا أراد أن ينام، أو يأكل، أو يعاود الوطئ أن يتوضّأ.
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 6133/ طريقة الغُسُل من الجنابة/ 27-2-2001/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصرّف عن كتاب موسوعة أحكام الطهارة/ أبو عمر دبيان بن محمد الدبيان/ مكتبة الرشد- الرياض/ الطبعة الثانية.