بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. أما بعد،
فإن تعلم أحكام الوضوء والصلاة هو من الواجبات العينية على كل مسلم ومسلمة؛ وذلك لأن الوضوء والصلاة من العبادات الواجبة على المسلمين، والطريقة الصحيحة لأداء هذه العبادات لا يمكن معرفتها إلا بالتعلم، وبالتالي فإن هذا التعلم واجب عيني، فهو كما يُقال: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)؛ أي أن الشيء الذي يتوقف الواجب عليه، ولا يمكن الإتيان بهذا الواجب إلا به، فهو واجب.
وكم من الناس لا يعرفون من أحكام الوضوء والصلاة إلا نُتَف قليلة، وإذا رأيت وضوءهم وطريقة صلاتهم، لوجدت فيها الكثير من المخالفات والأخطاء والبِدَع التي ما أنزل الله بها من سلطان، وكل هذا نتيجة لإهمال هذا العلم العيني، وعدم الاكتراث به. فكل من يجهل الطريقة الصحيحة في أداء العبادات، لا بد له من أن يقع في الأخطاء والبدع.
وحتى يتمكن المسلم من تعلم أحكام الوضوء والصلاة وغيرها من العبادات، فيتوجب عليه أن يتخذ العديد من الوسائل والطرق ووسائل التي تيسر له هذا العلم، ومنها: أن يسأل ويستفسر من العلماء الثُّقَات المتخصصين في علوم الشريعة، وبالتحديد في باب العبادات. فالعبادات هي باب من أبواب الفقه الإسلامي. وكل ذلك عَمَلاً بقول ربنا تبارك وتعالى: « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ » [الأنبياء: 7]. وأهل الذكر هم أهل العلم والاختصاص. فيجب على المسلم أن يحذر من الكثير من الذين ينتسبون للعلم، ويدعون بأنهم علماء، وهم في الحقيقة من الجهلاء، ويجب عليه ألا يأخذ العلم إلا من العلماء حقاً.
والمقصود بـعبارة (العلماء الثُّقَات) التي سبقت الإشارة إليها: أي العلماء من أهل الثقة والصلاح والاستقامة، من الذين يعرفون بسلامة العقيدة والعبادة والمنهج والأخلاق والسلوك. فيجب على المسلم أن يحذر من أهل الفساد والانحراف والضلال، ومن أهل الأهواء والزيغ والبِدَع، فهؤلاء وإن كانوا على شيءٍ من العلم، فإنه لا يوثق بهم، لأن عندهم الكثير من الانحرافات والمزالق الخطيرة التي يمكن أن تضلل من يتعلم منهم.
ولا بد أيضاً لمن يريد تعلم أحكام الوضوء والصلاة وغيرها من الإكثار من قراءة الفتاوى والكتب التي صنفها العلماء الثقات الذين سبق ذكرهم، بالإضافة لاستماع خطبهم ودروسهم ومحاضراتهم المسجلة، والحرص على حضور دروسهم ومجالسهم العلمية. وهناك أيضاً العديد من الطرق ووسائل الميسرة في زماننا هذا الذي نشهد فيه ثورة في المعلومات، فعن طريق الشبكة العنكبوتية يستطيع المسلم أن يزور العديد من المواقع الإسلامية الموثوقة، وأن يُحَمِّل منها كماً كبيراً من الفتاوى والدروس المسجلة، والكتب الإلكترونية للكثير من العلماء.