عندما خلق الله تعالى الإنسان خلق معه صفة جميلة ورائعة ألا وهي القلب، كون هذا القلب بحجمه الصغير الكبير في عطائه حيث إنّه يتحلّى بالمسامحة والشفافية وذلك بعفوه عن تجاوزات وعثرات بعض البشر، كون هذا القلب الطيب بطبيعته المدهشة الرائعة يتواجد بداخل الإنسان الحسّاس الذي يشعر بما يدور من حوله من ألم وأحزان غيره ويتألم لآلامهم.
إنّ الإنسان الذي يملك القلب الطيب الجميل لا يعرف الحقد والانتقام ويسامح بسهولة على الرغم من كل ما يشعر به من تعب وإرهاق، فتجد الابتسامة تملأ وجهه كما أنّ القلب له ميّزة جميلة إذ إنّه لا يتّصف بصفة سيئة ولا يسمح للسواد الذي يعشّش حوله أن يلوّث نقاءه، ولا أن يخطف البسمة التي تظهر على وجهه رغم الألم، ذلك السواد الذي يريد أن يسرق من قلبه إشراقه، عفواً ايها السواد قف عندك ابتعد قليلاً عد إلى الوراء .. لن تأخذ منه طيبة قلبه لأن إنساناً كهذا من الصعب أن تهزّه الريح مهما كلّف الأمر.
علينا أن نعلم أن الإنسان مهما كبر ومهما عاش، فلن يأخد معه إلّا الذكرى العطرة الحسنة التي تخلّد ذكره بين أصدقائه وأحبائه، لذلك نجد أنّ العديد من الشعراء تغنّوا بالقلب وصفاته وقوة احتماله فنجد قول أبو الطيب المتنبي عندما أنشد قائلاً:
أبلِغ عَزيزاً في ثنايا القلبِ مَنزله
أني وإن كُنتُ لا ألقاهُ ألقاهُ
وإن طرفي موصولٌ برؤيتهِ
وإن تباعد عَن سُكناي سُكناهُ
ياليته يعلمُ أني لستُ أذكرهُ
وكيف اذكرهُ إذ لستُ أنساهُ
يا مَن توهم أني لستُ أذكرهُ
واللهُ يعلم أني لستُ أنساهُ
ما اجمل وافضل القلب الطيب الذي لا يحمل في طيّاته غير المحبة والتسامح والعطاء، فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال: (إنّ الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)، فالجمال الباطن هو المحبوب لذاته وهو جمال العلم والعقل والعفة والشجاعة وهو محلّ نظر الله من عبده وموضع محبته، فمن امتلك هذه الصفات سيمتلك حبّ الناس وقلوبهم، وفي نهاية حديثي أختم بقول ابن القيم رحمه الله عندما قال: (كن في الدنيا كالنحلة إن أكلت أكلت طيباً، وإن أطعمت أطعمت طيباً، وإن سقطت على شيء لم تكسره ولم تحدشه).