مقدمة
تُطلقُ لفظة الحوراء كوصف للمرأة إذا اشتدَّ بياض عينيها وسواده بطريقة تبين مدى التباين ما بين الألوان على أشدِّ حالته؛ ليظهر منه بريقاً جميلاً تميل النفوس إليه؛ ليأسرها ويقبض على أنفاسها وهي نشوانه تبتسم من داخلها! ويزيد الوصف جمالا على جمال إذا ما قيل أنّها عِينٌ (بكسر الأول ومد اللين): بمعنى متسعة العينين؛ لتجتمع بذلك اجمل وافضل صفات العيون: بأنّ تكون شديدة بياض وسواد العينين، مع اتساع فيهما، وفي ذلك حكمة لبيان سحر الجمال، فكما يقال :"والضد يظهر حسنه الضد".
جمال الحور العين
هنَّ نساءُ خالدات أنشأهنَّ الله عز وجل لعباده في الجنة على وصف لم تراه أعينهم، ولم تسمع به آذانهم، ولم يخطر على قلوبهم من قبل ومن بعد حتى الساعة، وقد جاء ذكر وصفها بالكتاب والسنة من باب المقاربة للوصف، أمّا حقيقة وصفها فلا يدركه العقل البشري، فهو فوق تصوره وإدراكه، فّوُصِفت بوصائف عدَّة من خلفها وأمامها، نذكر منها ما جاء عليه الدليل الصحيح من غير إستطراد وإلا لطال المقام:
- مُطَهَّرةٌ ومَقْصُوَرةٌ: وهو طهر ونقاء عام شامل من كل ما يسوء الجوهر والمظهر والظاهر والبطن ، فهي طاهرة السريرة والعلانية، ولايشوبها شائبة، ولا يعتريها شي ممّا يسوء نساء الدنيا، فلسانها طاهر عن قول ما لا يليق، فلا يجلب الهم والغم، بل هو سعادة وراحة ومتعة، وهي طاهرة الطرف مقصورة على زوجها لا تنظر إلا له، ولا ترنو لغيره أو تتمناه؛ فهي مُخْلَصَةٌ له، وفرجها طاهر من كل أذى؛ فهي لا يصيبها ما يصيب نساء الدنيا من حيض ونفاس وغيره.
- أبكار: وهي التي لم تُمَسْ بكارتها، وقد جاء بالأثر أنها تعود بكراً بعد كل جماع، كما في ذلك إشارة لعدم تعلقها من قبل بأحد غير زوجها.
- أتراب: ويقصد به تقارب عُمُرِهِنَّ؛ ليضفي بذلك على كمال عمر الجمال جمالا يكون في عز تألقه وثباته، فلا تأكل السنون منه، ولا تدق له شيئاً.
- كواعب: هو وصف للمرأة أول بلوغها، وزهرة جمالها ببروز ثدييها بطريقة جميلة واستدراة كاملة كاستدراة حبات الرمان، فلا ظهرها يلحق ثديها، ولا صدرها يلحق بطنها، يقوم ذلك بحركة توافقية تبلغ غاية الكمال في محاسن الجمال.
- لؤلؤ وياقوت ومرجان: وصف عام للصفاء والبياض والنقاء لجلد يثير حُبُكَ النشوة والشهوة بأعلى قوتها؛ ليصبو نحوها من يراها فاقداً كل إرادة للممانعة، فهي التي يُرى مُخُ سُوْقِهَا من وراء اللحم، فبياض الجلد لؤلؤ، واللحم ياقوت تحته، والساق مرجان يُرى من خلف الياقوت، فلله در تلك الصورة كم ترنوا القلوب إليها.