الإدغام والمماثلة الصوتية
لا بد لنا قبل الحديث عن المماثلة وعلاقتها بالإدغام الوقوف عند مفهوم وتعريف ومعنى المماثلة وأنواعها، وإعطاء أمثلة توضيحية على حالاتها، ولكي يسهل على القارئ فهم علاقتها بالإدغام:
نقل أحمد مختار عمر تعريف ومعنى المماثلة عن:Nida بأنها: تحول الفونيمات المتخالفة إلى متماثلة، إما تماثلا جزئيا، أو كليا.
ونقل عبد القادر عبد الجليل، تعريف ومعنى المماثلة عن:Brosnahan ، إذ عرفها: بأنها التعديلات التطريقة للصوت حين مجاورته للأصوات الأخرى.
وهذا يعني أن الأصوات عندما تتجاور في الكلمة، تطرأ علليها تعديلات تطريقة نتيجة لهذا التجاور، فهي في تأثرها تهدف إلى نوع من المماثلة أو المشابهة بينها، ليزداد مع مجاورتها قربها في الصفات أو المخارج.
فالأصوات اللغوية تختلف فيما بيناه في المخارج، والصفات من حيث الجهر والهمس والشدة والرخاوة والإطباق والانفتاح. ونحو ذلك، فيتأثر بعضها ببعض، فقد يؤدي هذا التأثير ونتائج إلى تغير المحرج أو الصفة فإذا التقى في الكلام حوتان من مخرج واحد، أو من مخرجين متقاربين، وكان أحدهما مجهورا، والآخر مهموسا – مثلا- حدث بينهما شد وجذب، كل واحد منهما يحاول أن يجذب الآخر ناحيته، ويجعله معه في صفاته كلها، أو في بعضها والهدف أو الغاية الصوتية من وراء هذا التأثر هو تحقيق الانسجام الصوتي بين الأصوات المختلفة في المخارج والصفات.
وقد حدد علماء اللغة المحدثون أنواع التأثر التي تحدث بين الأصوات المتجاورة فإذا أثر الصوت الأول في الثاني بالتأثر مقبل، أما إذا أثر الثاني في الأول بالتأثر مدبر. وتحدث رمضان عبد التواب عن أنواع التأثر إذ يقول: وهناك اصطلاحات لعلماء الأصوات في أنواع التأثر الناتجة عن قانون المماثلة، فإن الصوت الأول في الثاني، بالتأثر ( مقبل ) وإن حدث العكس فالتأثر ( مدبر) وإن حدت مماثلة تامة بين الصوتين، فالتأثر ( كلي)، وإن كانت المماثلة في بعض خصائص الصوت فالتأثر( جزئي)، وفي كل حالة من هذه الحالات الأربع، قد يكون الصوتان متصلين تماما بحيث لا بفصل بينهما فاصل من الأصوات الصامتة، أو الحركات، وقد يكون الصوتان منفصلين بعضهما عن بعض بفاصل من الأصوات الصامتة، أو الحركات.
نستنتج مما سبق أنواع المماثلة عند المحدثين تنقسم إلى ثمانية أنواع، وهي على النحو التالي:
1. المماثلة الكلية المقابلة في حالة الاتصال: وهي المماثلة التي يؤثر فيها الصوت الأول في الصوت الثاني تأثيرا كليا، دون وجود فاصل بينهما إذ يكون الصوتان متصلين تماما.
2. المماثلة الكلية المقبلة في حالة الانفصال،وهي المماثلة التي يؤثر فيها الصوت الأول في الصوت الثاني تأثرا تاما، مع وجود فاصل يفصل بين الصوتين من الأصوات الصامتة، أو الحركات.
3. المماثلة الكلية المدبرة في حالة الاتصال، وهي المماثلة التي يؤثر فيها الصوت الثاني في الصوت الأول تأثيرا تاما بحيث لا يفصل بين الصوتين فاصل.
4. المماثلة الكلية المدبرة في حالة الانفصال، وهي المماثلة التي يؤثر فيها الصوت الثاني في الصوت الأول تأثيرا تاما، مع وجود فاصل يفصل بين الصوتين.
5. المماثلة الجزئية المقبلة في حالة الاتصال: وهي المماثلة التي يؤثر فيها الصوت الأول في الصوت الثاني تأثيرا جزئيا، أي في بعض خصائص الصوت، ويكون الصوتان متصلين لا فاصل بينهما من صوامت أو حركات، ومن أمثلته: تأثر تاء افتعل بالصاد، أو الضاد، أو الزاي فيها قبلها، فتبدل التاء إلى صوت ينسجم مع الصوت الأول.
6. المماثلة الجزئية المقبلة في حالة الانفصال: وهي التي يؤثر فيها الصوت الأول في الصوت الثاني، مع وجود فاصل يفصل بين الصوتين، ويكون التأثر جزئيا لا كليا. ومن أمثلة هذا النوع تأثر السن المهموسة بالراء المجهورة قبلها، فتقلب إلى نظيرها المجهور وهو الزاي
7. المماثلة الجزئية المدبرة في حالة الاتصال: وهي المماثلة التي يؤثر فيها الصوت الثاني في الأول تأثيرا جزئيا، دون فاصل يفصل بينهما، ومن أمثلته: تحول الصاد قبل الدال إلى زاي.
8. المماثلة الجزئية المدبرة في حالة الانفصال: وهي التي يؤثر فيها الصوت الثاني في الصوت الأول تأثرا جزئيا في حالة وجود فاصل يفصل بين الصوتين المؤثر والمتأثر؛ وغالبا ما يكون صوتا صامتا ساكنا: أو حركة طويلة.