عن واثلة بن الأسقع، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء». المراد بالظن هنا: العلم، ومعنى قوله «ظن عبدي بي» أي إن ظن الإجابة عند الدعاء ، وظن القبول عند التوبة ، وظن المغفرة عند الاستغفار ، وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها تمسكا بصادق وعده ، ولذلك ينبغي للمرء أن يجتهد في القيام بما عليه موقنا بأن الله يقبله ويغفر له لأنه وعد بذلك وهو لا يخلف الميعاد ، فإن اعتقد أو ظن أن الله لا يقبلها وأنها لا تنفعه فهذا هو اليأس من رحمة الله ، وهو من الكبائر ، ومن مات على ذلك وكل إلى ما ظن لقوله «فليظن بي ما شاء» أي فمن ظن بي خيرا جوزي بما ظن ، ومن ظن بي شرا جوزي بما ظن .
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو يعاني سكرات الموت، فقال: «كيف تجدك؟»، قال: والله يا رسول الله، إني أرجو الله، وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف» عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال: «لا بأس، طهور إن شاء الله» فقال له: «لا بأس طهور إن شاء الله» قال: قلت: طهور؟ كلا، بل هي حمى تفور، أو تثور، على شيخ كبير، تزيره القبور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فنعم إذا»
فالنبي صلى الله عليه وسلم يزور هذا الأعرابي المريض ويقول له ما يصبره على مرضة بتذكيره أن المرض يكفر الخطايا، فإن عوفيت فقد فزت بالعافية وتكفير الذنوب، وإن كانت الأخرى فزت بتكفير الذنوب ، ويدعو له النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله هذا المرض سببًا في تطهيره من الذنوب، ومعافته من مرضك، فاستنكر الأعرابي المريض هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم ، واستخف به فقال: كلا، بل هي حمى تفور، أو تثور، على شيخ كبير، تزيره القبور، كان بإمكان هذا الأعرابي أن ينظر لنفسه نظرة أخرى غير نظرة السوء، وكان بإمكانه أن يفوز بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم له، وكان بإمكانه أن يطمئن نفسه بأن مرضه إلى زوال ، ولكنه نظر لمرضه من هذا الجانب المظلم ، فلما رأي النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه قال له «فنعم إذًا» فهذا الأعرابي لو ظن بربه خيرًا لوجد، ولكنه ظن بربه السوء فجوزي به، وفي بعض روايات الحديث أن هذا الأعرابي أصبح ميتًا.
وورد أن يحيى بن زكريا كان إذا لقي عيسى بن مريم عليهما السلام: عبس، وإذا لقيه عيسى، تبسم، فقال له عيسى: تلقاني عابساً كأنك آيس؟ فقال له يحيى: تلقائي ضاحكاً كأنك آمن؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليهما: إن أحبكما إلي أحسنكما ظناً بي .
ويجب أن يقترن مع حسن الظن بالله العمل الصالح قال تعالى {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}