لا يتصوّر الإنسان الحياة بدون وجود عنصر التّفاءل فيها ، فإذا كان الإنسان متشائماً فإنّه يفقد كل معنىً جميلٍ في الحياة ، بل يصبح التّشاؤم عائقاً له اتجاه تحقيق أحلامه و طموحاته ، فالتّفاؤل مطلوبٌ لتعزيز الإيجابيّات في حياته و القضاء على السّلبيّات ، و شحن عزيمة الإنسان و إرادته للتّمكن من مواجهة تحدّيات الحياة المختلفة و تجاوز عقباتها ، و الإنسان المتفائل هو الإنسان الأكثر قدرة على النّجاح في حياته لما يصنعه التّفاؤل في نفس الإنسان ، و ما يحدثه من تأثيراتٍ عجيبةٍ تدفع الإنسان لبذل المزيد من الجهد و العطاء بروحٍ مرتفعة المعنويات ، لا تعرف اليأس أو القنوط .
و قد جاء الإسلام ليشرح صدر المسلم و ينوّره ، و يجعله على بصيرةٍ من أمره دائماً ، فالمسلم يدرك أنّه انسانٌ ضعيفٌ مفتقرٌ إلى ربّه ، و إنّه عندما يذنب ذنباً فإنّه يستغفر الله تعالى عليه ، و أنّ الله سبحانه و تعالى يقبل توبته مادام تاب توبةً نصوحاً ، فرحمة الله واسعة ، قال تعالى ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، إنّ الله يغفر الذّنوب جميعاً ) ، و هذه الآية هي غاية في التّفاؤل و حسن الظنّ بالله تعالى ، و في الحديث القدسي عن ربّ العزّة بيان أنّ المسلم إذا ظنّ بالله شيئاً كان الله عند حسن ظنه فلا يخيّبه ، ( أنا عند ظنّ عبدي بي ، و أنا معه إذا ذكرني ) ، و من أحسن الظنّ بالله تعالى أحسن العمل ، و ليس حسن الظنّ بالله تعالى مدعاة للرّكون إلى المعاصي و الكسل .
و قد كان النّبي صلّى الله عليه و سلّم يكره التّشاؤم و يحبّ الفأل و الكلمة الحسنة ، فيستبشر إذا سمع كلمةً طيّبةً حين يخرج في مهمّةٍ أو غزوةٍ من غزواته ، و قد حدث مرةً أن عاد النّبي الكريم رجلاً مريضاً ، فقال له النّبي طهورٌ إن شاء الله ، فكان ردّ هذا الرّجل أن قال ، بل هي حمى تفور على رجل تزيره القبور ، فقال له النّبي الكريم ، فنعم إذن ، فمن أراد التّفاؤل و أحسن الظنّ بالله و رضي قضاءه كان له ذلك ، و من أراد غير ذلك من السّخط كان له ذلك .