ينشد الكثير من النّاس جمع المال و تحصيله ، فالمال بلا شكّ هو وسيلةٌ مهمّةٌ لتحصيل الرّزق و العيش الكريم ، و هو محبّب لنفوس البشر ، قال تعالى ( و تحبّون المال حبّاً جمّاً ) ، و لكن على الإنسان أن يدرك أنّ المال مجرد وسيلةٍ و ليست غاية ، فمن اتخذ المال غايةً له أصبح أسيراً له ، و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم طبيعة النّفس البشريّة المجبولة على حبّ جمع المال بقوله لو كان لابن آدم واديان من ذهبٍ لابتغى لهما ثالث و لا يملئ فم بن آدم إلا التّراب ، و يتوب الله على من تاب ، و قد حذّر عليه الصّلاة و السّلام من العبوديّة للمال بقوله تعس عبد الديّنار ، تعس عبد الدّرهم ، تعس و انتكس و إذا شيك فلا انتكش ، فالمسلم و هو يسعى لجمع المال يدرك فتنته ، فالغنى بلا شكّ فتنةٌ ، و قد تعوّذ النّبي الكريم منها ، و لا بأس بالغنى لمن اتقى ، فالتّقوى هي السّلاح الأمضى الذي يمكّن الإنسان من التّغلب على فتنة المال و تسخيره في المباحات و المنافع المختلفة ، بل و أخذ الأجر على إنفاقه ، فمن الأمور التي يحسد عليها المسلم هو أن يكون عنده مالٌ ينفق منه آناء الليل و النّهار ، كما أنّ اليد العليا و هي اليد التي تنفق خيرٌ عند الله من اليد السفلى أيّ اليد التي تأخذ .
و قد أمر الله سبحانه عباده بالسّعي في الأرض و ابتغاء رزقه سبحانه ، فالسّعي لطلب الرّزق هو أوّل الطرق وخطوات في رحلة الإنسان للالبحث عن المال و جمعه ، فعلى الإنسان أن يسعى متّكلاً على الله متحرّيّا الحلال الطّيب من الرّزق .
و على الإنسان كذلك أن يكتسب المهارات المختلفة و العلوم المتنوّعة التي تمكّنه من فتح آفاقٍ جديدةٍ أمامه لكسب الرّزق ، فالحاذق الماهر في صنعته يكسب رزقاً و يحصّل مالاً أكثر من غيره ممّن يتكاسل عن احتراف المهن و الصّناعات المختلفة ، و هذه سنّة الله في الكون ، من جد وجد و من سار على الدرب وصل .
و إنّ جمع المال بلا شكٍ يحتاج إرادةً صلبةً ، و عزيمةً متوقّدةً ، تجعل الإنسان دائماً يالبحث عن الفرص فينتهزها ، و يواجه التّحديات فيقهرها .
