مقدمة
ممّا لا شكّ فيه، أنّ الكثير من الناس -إن لم يكن معظمهم- يحاولون إخفاء ردود أفعالهم في مواقف معينة، فتصدر منهم حركات تدل على موقفهم الحقيقي، ولا يصعب تفسير وتحليل هذا الموقف، إذا كنت ممن يتقنون لغة الجسد، وبناء على اختلاف الشخصيات، فإن طريقة فهمهم وتحليل سلوكهم مختلفة، كما أنّ العلماء أنفسهم يختلفون في تحليل الشخصيات، فمنهم من يحلل الشخصية من خلال كلامها، ومنهم من يحلّلها من خلال الشكل، أو طريقة الأكل، أو من المظهر الخارجي، أو حتّى عن طريق الإحساس.
طريقة فهم الشخصيات
فهم الشخصية من الكلام
يختلف أسلوب الحديث من شخصية إلى أخرى، وتعكس طريقة حديث الشخص مجموعة من الصفات التي يتصف بها، فإذا تحدث الشخص بسرعة وبحدّة، فهذا يدلّ على أنه شخصية عصبية مندفعة ومتسرعة، أمّا إذا تحدث ببطء شديد كمذيعي الراديو، فهذا يعني أنه شخص عاطفي، منفتح على الآخرين.
إذا تحدّث بهدوء وبقوة، فهذا يعني أنّه من الشخصيات القيادية المنضبطة، التي تحب النظام في كل شيء، أما البطء مع خفض الصوت، فهذا مؤشر على أن الشخص عطوف إلى حد ما، ويحب الآخرين، ولديه صداقات كثيرة، أمّا الشخص الذي يتحدث بصوت مبحوح مصحوب بالشجن، فهذا يعني أنّه لا يشعر بالاستقرار النفسي أو الأمان العاطفي، إلا أنه شخصية مخلصة، وإذا ما مزج شخص الضحك بكلامه، فهذا يوحي بأنه شخصاً عملياً أكثر منه عاطفياً.
يمكنك أن تفهم شخصية الآخر، وتحلّلها عن طريق التركيز على عنصر الصوت، فإن نبرة الصوت تحمل في طياتها دلالات مختلفة ومتنوعة، كما أنّ لصحة المعلومات وصدقها تأثير ونتائج كبير على نبرة الصوت، ويرى العلماء أن نبرة الصوت المرتجفة تدل على أن الشخص متردد، ليس لديه ثقة بنفسه أو بالمعلومات التي يقولها، كما أن خفض الصوت بشكل مُبالغ فيه، والذي من شأنه أن يعيق إيصال الرسالة، يؤدي إلى تكوين صورة سلبية عن المتحدث بأنه لا يثق في رسالته، أمّا المبالغة في رفع الصوت، فيعطي انطباعاً بأنك شخص همجي وعدواني، لذلك، يجب الحرص على التحدث بصوت معتدل؛ لأن ذلك يساعد على الإصغاء الجيد، ومن ثم الفهم الجيّد.
فهم الشخصية من الشكل
تختلف وجوه الناس باختلاف بيئاتهم، فالعربي مثلاً يختلف عن الأوروبي أو الآسيوي، ولشكل الوجه دلالة معينة، فمثلاً الوجه المربع أو ما يمكن تسميته بالوجه الحديدي يعكس شخصاً حديدياً، صلباً في قراراته، وهو قيادي، سريع الانفعال، يجمع ما بين اللين والشدّة في نفس الوقت، كما أنّه محبوب، ويتمتع بالقدرة على تكوين صداقات، والوجه المثلث يعكس شخصاً عقلانياً، متفائلاً، ناقداً جيداً، ويتمتع بالحماسة العالية للعمل، بالإضافة إلى أنه يميل إلى محاسبة نفسه على الأخطاء.
أما صاحب الوجه المستدير، فيميل إلى القدرة على التأقلم مع ظروف الحياة، ويتمتع بالقدرة العالية في الإقناع، لذلك، فهو ينجح في الأعمال التي تتطلب هذه الخاصية، لكنه يغضب بسرعة، كما يشعر بالملل بسرعة أيضاً، وبالنسبة للوجه الرفيع، فإنه يعطي إيحاء بأن صاحبه ذو حس مرهف، يسعى إلى الاستقلالية، ويكون متميزاً لامعاً، لذلك، فإنه يشعر بالإحباط إذا حدث ما لم يكن يتوقعه، ومع ذلك فهو لا يستسلم للفشل، وأخيراً، الوجه البيضاوي الذي يضفي سحراً وجمالاً على مالكه، الذي يتميز بالجد والصلابة، وشدة الجاذبية، وهو طيب، ولديه ثقة كبيرة في الآخرين، وغالباً ما يسمي العلماء أصحاب هذا الوجه (صانعي أنفسهم).
فهم الشخصية من حركات الجسد
- العين: تعتبر العين أقوى أدوات لغة الجسد، ومن خلال العين يمكنك تفسير ردود أفعال الآخرين دون أن ينبسوا ببنت كلمة، فمثلاً إذا اتسع بؤبؤ عين شخص أثناء حديثك معه، فهذا يدل على أنه سمع ما أسعده، أما إذا حدث العكس وضاق البؤبؤ، فيدل على أن الشخص غير مُصدق لما تقول، كما أنّ إغلاق الشخص لعينيه أثناء المحادثة يعني أنه يحاول التركيز لاستعادة معلومة ما قد تذكرها، أما من يحرك عينيه كثيراً، فهو يحاول الهرب أو إيجاد مخرج من الحديث.
- الأنف والأذنان: إذا حكّ الشخص أنفه أو مرّر يده على أذنه خلال محادثتك له، فهذا يدل على حيرته، أو أنه لا يعلم عما تحدثه، كما أن وضع الإصبع داخل الأذن أو ثني الأذنين إلى الأمام يدل على أن الشخص يحاول الانتهاء والتخلص من حديث ممل، أو غير مسل، أو من ضجيج حوله.
- الجبين والحواجب: إذا قطب الشخص جبينه ورفعه لأعلى، فهذا يدل على أنه مندهش، أما إذا قطبه ونظر إلى الأرض، فهذا يعني أنه متحير، أو لم يعجبه ما سمعه، أمّا بالنسبة للحواجب، فإذا رفع الشخص الذي تُحدثه حاجباه، فهذا يعني أنه تفاجأ، أمّا إذا رفع حاجباً دون الآخر، فهذا يعني أنه لا يصدق.
- الأصابع: إذا كان الشخص الذي تحدثه ينقر بأصابعه على المكتب أو المقعد، فهذا يشير إلى عصبيته.
- الأكتاف: إذا هزّ الشخص كتفيه أثناء حديثك معه، فهذا يعني أنه غير مبالٍ بما تقول.
فهم الشخصية من السلوك والعادات
هناك الكثير من العادات التي يقوم بها الأشخاص، والتي تدل بدورها على معنى معين، فمثلاً الشخص الذي يغسل يديه باستمرار هو شخص مضطرب داخلياً، أما الشخص الذي يشعر بالعطش بشكل كبير فهو شخص متردد، أمّا الشخص الذي ينفخ الدخان أثناء تدخينه إلى أعلى، فهو شخص واثق بنفسه، كذلك فإن الاتكاء على الجدار يدل على المعرفة، وتثاؤب شخص أثناء حديثك معه يدل على أنه قد مل من الإنصات إليك.
ليس هذا فقط، وإنما يمكنك أن تتعرف أو تفهم الشخصيات من خلال الوقفة، أو طريقة الجلوس، أو حتى طريقة المشي، فالشخص الذي يقف منتصب القامة يدل على أنه شخص واثق بنفسه، فخور بها، والذي يقف وقفة منكمشة يشير إلى الخضوع والإذعان، وربما الاكتئاب أيضاً، أما من يقف وقفة الانسحاب، فهذا يعني أنه شخص خجول ومتردد، وبالنسبة للجلوس فمن يجلس ويداه أو قدماه ملتفتان إحداهما على الأخرى، فيدل على عدم شعور هذا الشخص بالأمان، وجلوسه على الكرسي مع وضع إحدى قدميه أو ساقه على يد الكرسي، فهذا يدلّ على أنّه شخص غير مبالٍ، وإذا جلس ووضع يديه وراء رأسه وقدماه مشبوكتان، فهذا يعني أنه شخص لديه ثقة كبيرة بنفسه.
أما عن طريقة المشي، فإن الذي يمشي ببطء وبأقدام ثقيلة يعني أنه شخص مقهور، والذي يضع يديه في جيوبه أثناء مشيه، فهذا يعني أنه منسجم وغامض، وقد يكون عرضة لنقد الآخرين، أما من يمشي ورأسه في الأرض، فهو يفكر تفكيراً عميقاً، ولا يريد لشيء أن يشتت أفكاره، وهذا يندرج أيضاً في إطار لغة الجسد، والتي تعتبر أصدق 5 مرات من اللغة العادية، حيث يمكن من خلالها أن تتعرف على مدى صدق الشخص الذي تُحدثه، أو درجة اهتمامه بالرسالة التي توجهها إليه، وتجدر الإشارة إلى أنك إذا كنت تحب شخصاً أو تكرهه، فإن هذا بلا شكّ سيؤثر على طريقة تحليلك لشخصيته، وحكمك عليه.