لو سألت أحدهم هل ترغب بدخول الجنّة لكان جوابه حتماً نعم ، فالجنّة هي حلم وأمنية كلّ إنّسان ودخولها هي المحطّة الأخيرة في رحلة الإنّسان في الالبحث عن السّعادة والخلود ودوام المتعة ، هي المكان الذي أسكنه الله تعالى آدم حين ابتدأ خلقه وأنزله منها حين عصاه وخالف أمره ليستخلفه في الأرض وذريته ، هي المكان الطّاهر وفيها النّعيم الدائم الذي لا يزول ، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، هي متعة النّظر وجلاء البصر ومستقر البشر .
و إنّ طريق الجنّة سهلٌ يسيرٌ وإنّ كان محفوفاً بالتّحديات والإختبارات فمن وضع الجنّة هدفاً وجب عليه السّعي لتحصيلها بكل ما أوتي من قوةٍ وبصيرةٍ فصاحب التّجارة يسعى في تجارته لهدف هو تحصيل الربح واجتناب الخسارة ما أمكن ، ويبذل في سبيل ذلك الجهد فيفاوض التّجار ويتحمّل الأخطار ، وصفقة المسلم - ولله المثل الأعلى - رابحةٌ دائماً ولكن على المسلم أن يجتهد ليتحصّل على ثمارها ، فقد تعهّد الله سبحانه وتعالى لمن خرج من بيته مجاهداً في سبيله ولإعلاء كلمة دينه أو يبذل ماله في سبيل الله ، تعهّد له بالجنّة ونعيمها وتلك هي الصفقة الرّابحة .
و إنّ الأعمال الصّالحة هي مفاتيح الجنّة وما هى اسباب ولوجها فبدونها لا يدخل العبد الجنّة فطاعة الوالدين وبرّهما والصّدق والأمانة والخلق الحسن مع النّاس كلها أعمالٌ صالحةٌ ، وإنّ كل ما يدخل في ما يرضي الرحمن – جل وعلا – من الأعمال والأقوال لهو من ما هى اسباب دخول الجنّة ونيل رضاه سبحانه ، وعلى المسلم أن يحذر من المعاصي والذنوب فيجتنبها وإنّ كانت صغيرة فربّ صغيرةٍ اجتمعت فنمت فأهلكت ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول إيّاكم ومحقّرات الذّنوب فإنّها تجتمع على الرجل حتى تهلكه ، وقدّ سطّر السّلف الصّالح رضوان الله عليهم أروع الأمثلة في الطّاعة والعمل الصّالح فكانوا خير سلفٍ عرفوا طريق ربهم وجنّته ورأوه عياناً فبذلوا الغالي والنّفيس في سبيل ذلك وقدّموا المهج والأرواح في صور للتّضحية والفداء لم يشهد لها التاريخ مثيلاً ، فكانوا كما قال الصّحابي حين جاء لرسول الله وقال له : أصبحت مؤمناً حقاً فتعجب من كلامه وطلب إثبات ذلك فوصف حاله وكيف أنار الله بصيرته فرأى الجنّة بها كأنّه يراها عياناً فزهد في الدّنيا وطلب الآخرة بالطّاعات والعمل الصّالح ، فكان الجواب النّبوي أن عرفت فإلزم ، عرفت فإلزم .