يسعى المسلم في كلّ أعماله و أقواله إلى نيل رضا الله سبحانه و تعالى و الفوز بالجنّة ، فالجنّة هي غاية كلّ مؤمنٍ ، و هي الهدف الأسمى بعد نيل رضا الله سبحانه و تعالى و محبّته ، و قد وصف النّبي صلّى الله عليه و سلّم الجنّة في أحاديث كثيرةٍ ، و بيّن بأنّ نعيمها لا يخطر على بال أحدٍ من البشر ، يتنعّم فيها المؤمن بأنواع الملذّات ، و يأكل فيها أشهى الطّعام ، و يتزوّج فيها الحور العين ، و هو في نعيمه خالدٌ لا يموت ، و شابٌ لا يهرم ، و فرحٌ مستمتع لا يكلّ و لا يسأم ، و لا شكّ بأنّ المسلم و حتى ينال جائزة الله عليه أن يأخذ بما هى اسباب دخولها ، فكيف السّبيل إلى دخول الجنّة بسلام ؟ .
لا بدّ للمسلم أن يؤمن أولاً بالله سبحانه و تعالى إيماناً خالصاً ، فلا يرائي النّاس بعمله ، و لا يدعو أحداً غير الله ، و لا يلجأ إلا إليه سبحانه ، فحقيقة التّوحيد ترتبط بأفعال العباد ، و إنّ توحيد الألوهيّة كما قال العلماء هو توحيد الله سبحانه بأفعال العباد ، كالرّجاء و الدّعاء و الخشية ، فمتى ما تحقّق هذا التّوحيد في قلب المؤمن أصبح موحّداً حقيقةً و فعلاً .
ثمّ يأتي بعد الإيمان العمل الصّالح و حسن السّريرة و التّعامل الحسن مع الخلق ، و إنّ الأعمال الصّالحة التي تكون سبباً لدخول الجنّة كثيرةٌ فمنها الصّدقة على الفقراء و المحتاجين ، فهي تطفئ غضب الرّبّ كما يطفئ الماء النّار ، و كذلك عيادة المريض و مواساته ، فمن عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجّنة حتى يرجع ، و اتباع الجنائز فمن مشى في جنازةٍ كان له قيراط و من مشى في جنازة حتى تدفن كان له قيراطين ، و كذلك تفريج الكرب و الهمّ عن المسلمين ، فمن فرّج عن مؤمن كربةً فرّج الله عنه كربات يوم القيامة ، و قضاء حوائج الخلق ، فمن مشى في قضاء حاجة أخيه كان ذلك خيرٌ له من أن يعتكف في مسجد رسول الله أربعين ليلةً ، و أخيراً قال النّبي عليه الصّلاة و السّلام ، افشوا السّلام و أطعموا الطّعام ، و صلّوا بالليل و النّاس نيام ، تدخلوا الجنّة بسلام .