الإنسان كائن معقّد يمتلك وحدة شعورية كاملة لا يمتلكها أي كائن آخر فبعض الكائنات قد تكون قادرة على التفاعل مع المحيط شعورياً ولكن ليس بكل المشاعر التي نعرفها، وبالإضافة لامتلاكه لهذه المنظومة الشعورية الكاملة والتي يتداخل معها التفكير بشكل أساسي فهي تكون لديه في أحيان كثير مختلطة أو متعاقبة بسرعة كبيرة، من الممكن أن يشعر بشعورين في آن معاً، أو أن يعيش حالة شعوريّة معيّنة ثم يدخل بحالة أخرى مناقضة تماماً لها . هذه التقلّبات الشعوريّة والتي تكون إمّا نتيجة مؤثر خارجي أو داخلي ويتفاعل معها الإنسان دائماً بكل أموره الحياتيّة من الممكن أن تكون مؤشّر واضح على صفاته الشخصيّة أو بالأحرى هي غالبا ما تقدم عرض لهذه الصفات ويتم من خلالها الحكم على الإنسان أو تعداد صفاته ومعرفته جيدا بالنسبة لنفسه وبالنسبة للآخرين ، ومن الممكن أن تكون ردود فعل الإنسان الشعورية طبيعية أو ناقصة أو حادّة ، عندما تكون نتيجة تفاعله شعوريّاً مع الحياة غير طبيعي أو ناقص جداً أو حاد جداً فهذا يؤثر على حياته بشكل مباشر وممارسته لها ، فمثلاً خوف الإنسان الشديد من الإختبارات قد يؤدّي به الإرتباك التام والإنهيار وعدم تحقيق النّجاح أو عدم محاولة تخطي الموقف، بينما خوفه الطبيعي منه يجعله يتعامل مع الموقف بشكل متزن ويقدره بشكل جيد وبالتالي تخطيه أو في حال فشله فإنّه ينجح بالتعامل مع الظرف ، أمّا في حال عدم الخوف أصلاً أو الخوف بدرجة قليلة جداً سيكون غير مبالي وحتى لو أتم الاختبار بنجاح فإنه لن يكون قد خاضة جيدا وغالبا لن يحصل على التفوّق. وهكذا في حالات شعورية كثيرة من أهمّها الإنفعال او ما يعرف بالعصبية ، وهي ردة فعل للإنسان يعيشها شعوريا ومن الممكن أن تتطوّر لحالة فسيولوجية ، تكون اتّجاه مؤثّر ما يتعامل معه الإنسان بحساسية زائدة ويترك نفسه للانجراف شعوريّاً بشكل تام، يتم التعبير عن هذه الحالة عادةً بتعبيرات جسدية حادة كالصراخ وتحريك اليدين والارتباك في المشي وأحيانا البكاء الشديد والتحدث بشكل عشوائي ودون انتقاء الكلمات وعبارات المناسبة وعادة تكون الكلمات وعبارات بهذه الحالة نتيجة الإنفعال وليس القصد نفسه، الأشخاص الذين تتردّد لديهم ردود الأفعال هذه كثيرا على مواقف لا تتناسب بشدتها مع ردة فعلهم هذه يطلق عليهم لقب العصبيين ، وهم عادة لديهم حب السيطرة على الامور والأشخاص وينفعلون في حال فشلو في ذلك فشل كلي أو جزئي، وهم دائماً على خلافات مع النّاس المحيطين بهم لأنهم يتعاملون مع الجميع على أنّهم احسن وأفضل منهم ويجب على الآخرين طاعتهم أو الإستماع لنصحهم ولكنهم أشخاص حساسيين طيبين غالباً ويترجمون مشاعرهم بطريقة منفرّة بدل التعبير عنها بطرق ووسائل لطيفة .
عادةً ما يضع الأشخاص العصبيون اللّوم على المحيط على الأشياء على النّاس ويرون أن انفعالهم كان ردة فعل على هذه المؤثرات ، ولكن في الحقيقة فإن العصبية هي نتيجة تعامل خاطئ مع المؤثرات وانفعال شديد إتّجاه أمور بسيطة يمكن التّعامل معها بأقل قدر من الذكاء، وعدم وجود حنكه لإدارة الضغوط . بالطبع هذا في حال كانت العصبية متكررة وتكاد تكون طبع واضح في الإنسان إن لم تكن طبعا فيه، أما العصبية التي تاتي في فترات الضغوطات أو نتيجة موقف معين فهي ردة فعل طبيعية اتجاه شيء بالعفل هو مؤثر قوي .