علينا معرفة أن هبة الأولاد هي هبة عظيمة وجليلة من الله تعالى، ولا بعلم قيمة الطفل إلا من حرم منه. ولكن قبل أن يهب الله لنا هذه الهدية علينا إعداد أنفسنا قبل استقبال هذا الحدث العظيم. فإني أخاطب الآباء والأمهات، فالزواج حياة قدّسها الله، وجعل لها روابط روحانيّة وثمرة هذا الرباط الأطفال وفلذة الأكباد.
اعلم أنّ متاعب الحياة في هذا العصر ثقيلة ومتعددة، ولكن علينا تنظيم الأمور وإعطاء الأطفال الوقت الكافي، لا أقول كل الوقت، ولكن علينا أن نعلم أنهم يحتاجون الكثير الكثير.
فالتربية يجب أن تكون متكافئة، وعلينا معرفة أبوابها الروحية، والأخلاقية، والعقلية، والجسمية، والجمالية، فكل هذه الأبواب يحتاج إلى وقت للتفكير والترتيب. فمنذ الحمل يجب على الأبوين معرفة أن هناك شيئاً سيحد من نشاطهم وحريتهم، لأنهم مقيدين بهذا الطفل، ويبدأ مشوار التنازل والعطاء.
ولكن أول ما نبدأ به هو أن تزرع الأم المحبة لهذا الجنين وتتكلم معه أنه مرغوب به، وأن هناك من ينتظر حضنه والأب أيضاً. وعند حضوره نبدأ بتقديم اللازم والاستعداد لهذه الفترة والقيام على ذلك. فعلينا أن نحسن الاختيار قبل حضور المولود، فهذه الأم ستكون الراعية وهذا الأب سيكون الراعي الحامي حتى يكونوا أهلا أن يأتمنوا على أولادهم. فعلي الوالدين أن يحسنوا التربية بالقيام على حوائج الولد وعلى الأم والأب أن يراعيا هذا الطفل بعدها لأنهما القدوة له.
فلا يجب أن يصدر عنهم القبيح من القول أو الفعل وهما يعلمانه الخلق، فكونوا أصحاب خلق حتى يكون طفلكم المرآن لكما، علموه النهي عن المنكر والأمر بالمعروف والإصلاح، وأبعدوه عن العنف والعنا، وعلموه مكارم الأخلاق. واعلموا أن ما يرافق حسن الخلق أن تعلموه التعلق بالله وبما أمرنا الله به وبما نهانا عنه، وأن الاتصال بالله الدائم والخوف منه والطمع في رضاه هي أصل النجاة والتقوى في الأمور كلها.
علموه أن هناك واجبات عليه أن يقوم بها، وهي الفرائض وأهمها الصلاة وتعويده على البسلمة قبل البدء بالأشياء، وأن هذا خلق الإسلام. ثم نعلم أن هذا الإنسان علينا أن بربي فيه القوة في البدن، فهو أساس العمل حتى نقوى عليه. فنعلمه أن لبدنك عليك حق بالرياضة والنوم والراحة المناسبة، وأن نفتش عن مكنوناته من المهارات العقلية ونرشده إلى الوصول لأهدافه.
وإنّ الله جميل يحب الجمال، ولذلك علينا أن نهتم بالمظهر والنظافة، فنعلمه الوضوء، والإستحمام، والطهارة، والملابس النظيفة، وهذا كثيراً ما يزيد من ثقته بنفسه ويدعمها.