أبو صفار أو كما يُسمَّى بـ "اليرقان"؛ هو حدوث اصفِرار في الجسم وبياض العينين؛ مِمَّا يدلُّ على وجود ارتفاع في البيليروبين في الدم. وهو يُسمَّى في اللغة الإنجليزية (Jaundice)، وأتت من اللغة الفرنسية (Jaune)، وتعني الأصفر ومنها أتى اسم الصفار الذي يدلُّ على تغيُّر لون الجلد وبياض العينين إلى هذا اللون. ويحدث اليرقان نتيجة تضرُّر خلايا الدم الحمراء أو انتهاء عمرها بعد مرور مئة وعشرون (120) يوماً، فتحصل عدة عمليات تفاعلية لهذه الخلايا داخل الجسم وتتحوَّل إلى بيليروبين وهو غنزيم غير مختلط مع الماء أي لا يذوب فيه؛ يذهب البيليروبين مع الدم إلى الكبد، وعندها يقوم الكبد بتحويله إلى ثنائي غلوكورنيد البيليروين، ويصبح عندها ذائباً في الماء، ويقوم الكبد بإفرازه عن طريق القنوات الصفراوية إلى المرارة التي ترسله بعد تركيزه إلى الأمعاء للمساعدة على عملية الهضم، أو يقوم بالتخلص منه عن طريق البراز.
تحصل حالة اليرقان (أبو صفار) عند حدوث خلل في وظائف الكبد؛ فلا يستطيع أن يتخلَّص من البيليروبين الموجود في الدم، فترتفع نسبته ويُصبح لون الجلد أصفراً. وهو شائعٌ جداً عند الأطفال حديثي الولادة ابتداءاً من اليوم الثاني أو الثالث لولادته، حيث أن الكبد لا يكون قد اكتمل ولا يقوم بوظائفه على النحو المرجو، فيبدأ تحوُّل لون الجلد إلى اللون الأصفر وكذلك بياض العينين، ومن هذين العرضين يمكن معرفة أن الطفل مصاب بأبو صفار؛ ويجب عمل تحليل دم فوري للطفل المصاب لمعرفة نسبة أبو صفار في الدم، حيث تستوجب المعالجة السريرية الفورية إذا زات نسبته في الدم عن 17 مج/ديسيلتر، ولكن يمكن البدء بالعلاج و دواء للوقاية من ارتفاعه عن وصوله إلى مستوى 14 مج/ديسيلتر، وإن تمَّ إهماله وارتفعت النسبة لتتجاوز 21 مج/ديسيلتر؛ هنا قد يلجأ الأطباء إلى تغيير دم الطفل بالكامل، حيث أنه يكون وصل إلى مرحلة لا يمكن معها علاج و دواء الدم. ولشِدَّة خطورتها قد تؤدي إلى تراكم مادة البيليروبين في دماغ الطفل مما يؤدي إلى إصابة الدماغ وتضرُّره. ويُقدِّر الأطباء مدى خطورة الحالة بناءاً على عمر الطفل ووزنه وقوة دمه.
تزول حالة أبو صفار من الأطفال في الحالات المتوسطة والبسيطة لوحدها دون تدخُّل طبي خلال أسبوعين على الأكثر، وذلك عن طريق تعريض الطفل لأشعة الشمس بشكل يومي؛ مع أخذ الحذر من إطالة المدة نظراً لرقة جلد الطفل والخوف من حصول حروق من أشعة الشمس. أما في الحالات الفوق متوسِّطة، فيتم علاجها سريرياً في المستشفى، وذلك عن طريق تعريض الطفل للأشعة الفوق بنفسجية داخل حاضِنات خاصة لهذا الموضوع، وتكون هذه الأشعة ذات طول موجي معيَّن، مع وجوب التنويه إلى أن هذه الأشعة ضارة جداً بعين الطفل، فيجب الحرص دائماً على التأكد من أن عيني الطفل مُغطَّاة دائماً أثناء تواجده داخل هذه الحاضنة. ولا يمكن التأكد من زوال هذه الحالة إلا بعد عمل فحص للدم لمعرفة مستوى البيليروبين في الدم بعد العلاج و دواء ومِن ثمَّ يكون قرار استمرار العلاج و دواء أو التوقُّف عنه لانتهاء الحالة بيد الطبيب المُختص. من الشائع أن يقوم الأهل بإعطاء الطفل المُصاب بأبو صفار ماء وسكر ليقوم على الانتهاء والتخلص من مادة البيليروبين وطرحها عن طريق البراز، وهذا خطأ شائع جداً، حيث أن الكبد من الأعضاء الكسولة في جسم الإنسان، وهو يستمد طاقته من الجلوكوز في الدم، فعند إعطائه السكر مع الماء؛ فإنه يتوقَّف عن النشاط الذي هو أصلاً لم يقم به فيمكن أن تزداد الحالة، ولكن يمكن للأم أن تُركِّز على الرضاعة الطبيعية للطفل، فهي أكثر العلاجات فاعلية في الحالات البسيطة من اليرقان، فحليب الأم يقوم على تنشيط وظائف الكبد والإسراع بإخراج مادة البيليروبين من الدم عن طريق البراز.