الكثير منا يسمع عن ضخامة وتعقيد التفاعلات الكيمايائية المتأججة داخل جسم الإنسان، وهي من الضخامة والتعقيد بحيث لو خطر ببال أحدنا أن يحاكي تفاعلاً كيميائياً واحدا من تلك التفاعلات في مختبر كيميائي لأدرك أن مختبراً تسانده مختبرات مثله تنوء بثقل التفاعل ويتعذر عليها الإتيان بنظير ما يأتي به الجسم، والسبب راجع إلى أن التفاعلات الكيميائية التي تتم داخل جسم الإنسان - أو الحيوان أو النبات - تشترط توفر ظروف معينة من قبيل درجات الحرارة العالية جداً ودرجات حموضة شديدة الإرتفاع أو الإنخفاض، ولكن أنّى لهذه الشروط الصعبة أن تتوفر لدى جسم الكائن الحي ولا سيما الإنسان هذا الكائن المغرور؟
في الحقيقة لا داعي لتوفر هذه الظروف العصيبة داخل جسم الكائن الحي كي يتم التفاعل، إذ أنه وبفضل ما يُعرف "بالإنزيمات" تجري التفاعلات داخل الجسم ضمن درجة حرارة الجسم الطبيعية و في ظل الظروف الإعتيادية، فالإنريم هو مركب بروتيني تنتجه الخلية ذو بنية ثلاثية يعمل كوسيط في التفاعلات الكيميائية، ويكمن دوره الأساسي في تخفيض ما يُعرف بطاقة تنشيط التفاعل وهي الطاقة اللازمة لبدء التفاعل.
ولكي يقوم الإنزيم بإطلاق تفاعل ما، يعمل الإنزيم على ربط جزيئات المواد المتفاعلة من خلال جزء الإنزيم الرئيسي ألا وهو مركز الإرتباط، وهذا الجزء هو من الإنزيم كالوجه من الإنسان، أي أن مركز الإرتباط في الإنزيم له شكل لا يشابهه فيه إنزيم آخر إلا أن يكون من نفس نوعه، والسبب في ذلك هو أن لكل تفاعل كيميائي إنزيم خاص يشتبك بمواد التفاعل عبر مركز الإرتباط حيث تتغير حينئذ هيئة الإنزيم، وما إن يجتمع المركبان في مركز الارتباط حتى يحدث التفاعل المرتقب ثم ما تلبث هذه المواد أن تنفصل عن إنزيمها وقد استحالت مركبات جديدة هي نواتج التفاعل، كما يعود الإنزيم إلى هيئته الأولى متأهباً لخوض تفاعل آخر مثله.
وقد يحدث أن يعترض طريق الإنزيم مواد غريبة عليه تحتل مركز الإرتباط فيه، فلا هي تتفاعل، ولا تترك غيرها يتفاعل، وهذه تدعى "المثبطات" أي مثبطات التفاعل، كما يتأثر نشاط الإنزيم بدرجة حرارة الخليةومستوى الحموضة في الخلية.
أما الحديث عن أنواع الإنزيمات فيأخذنا إلى التصنيف العلمي للإنزيمات، فهي تصنف تارة بحسب بنيتها البروتينية، وتارة بحسب وظيفتها النوعية، أما بحسب بنيتها البروتينية فتنقسم إلى قسمين، إلى إنزيمات تكونها بروتينات أحادية الجزيئ وإلى إنزيمات مكونة من بروتينات متعددة الجزيئ، وأما من حيث وظيفتها فلديك الإنزيمات المحللة والإنزيمات المفَسفِرة والمؤكسِدة والناقلة وغيرها، وتحت كل من هذه الأقسام أقسام، كل ذلك كان في علم الإنزيمولوجيا (Enzymology) مسطورا.