عاش النّاس في الجاهليّة في ظلمات الشّرك و الضّلال ، فقد اتخذوا من دون الله أصناماً يعبدونها و يظنّون أنّها تقرّبهم إلى الله ، و كانوا يعملون من المنكرات الكثير فيستبيحون الزّنا و يئدون البنات خوفاً من الفقر و العار بل و يحرمون نساءهم من الميراث و يعطون الرّجال فقط ، و قد جاء الإسلام مكرّماً للمرأة و حافظاً لحقوقها في عدّة مناسباتٍ و أحوالٍ ، فقد قرّرت الشّريعة للمرأة حقوقاً مكتسبةً و كان الإسلام أوّل دينٍ يعطي لها حقوقها كاملةً غير منقوصةٍ بعد أن عاشت عقوداً في الظّلام و التيه ، فتعاملت بعض الحضارات مع المرأة تعاملاً ماديّاً بحتاً فقد كانوا يرونها كأنّها متاعٌ من متاع الرّجل ، فجاء الإسلام ليعلي من شأنها و ليؤكّد على أنّها شقيقة الرّجل و صنوه و أنّها جزءٌ أصيلٌ بل أساسيّ من مكونات المجتمع ، وصّى بها النّبي صلّى الله عليه و سلّم رجال أمّته قائلاً : ( استوصوا بالنّساء خيراً ) و كلمته النّبويّة الشّريفة ( رفقاً بالقوارير) ، فحقوق المرأة في الإسلام مصونةٌ محفوظةٌ بضوابط و أحكامٍ و من بينها حقّها الكامل بنصيبها من الميراث .
و قد علم الله سبحانه و تعالى بأحوال عباده و أنّه سيكون منهم من يعتدي على حقوق النّاس في ميراثهم ، فقال تعالى عن حال بعض النّاس ( و تحبّون المال حبّاً جمّا ، و تأكلون التراث أكلاً لمّا ) ، و لا ريب بأنّ تقوى الله عزّ وجل و التزام منهجه و العمل بأحكامه و تشريعاته يجنّب المسلم الوقوع في ما لا يرضيه سبحانه ، فقد حدّد القرآن حقوق كلّ فردٍ من الميراث و جعل للذّكر مثل حظّ الأنثيين كما جعل نصيباً للزّوجة من ميراث زوجها و للأمّ كذلك من ميراث ابنها و للأبناء من ميراث آبائهم في قسمةٍ عادلةٍ تعطي لكلّ إنسانٍ حقّه .
و إنّ الميراث إذا تمّ توزيعه وفق ما أراد الله سبحانه فإنّه يحقّق آثاره الإيجابيّة في المجتمع ، فالفرد حين يحصل على حقّه يستشعر العدالة في حياته فيكون فرداً نافعاً لمجتمعه ، و كذلك فإنّ الميراث يعين النّاس على مصالحهم و حياتهم ، فالأب و هو يسعى في حياته و يكدّ و يتعب ينظر لما بعد موته و كيف يكون حال أبنائه من بعده فيسعى لتوفير الحياة الكريمة لهم ليتذكّروه بالخير دائماً .