يقول تعالى في سورة التوبة : { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } الآية :( 40 ).
هذا الصاحب الذي كان مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في أشد أوقاته قسوة هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، و الذي لقبه بالصديق هو رسول الله صلى الله عليه و سلم ، حيث كان النبي صلى الله عليه و سلم قد صعد جبل أحد يوماً و معه أبو بكر ، و عمر بن الخطاب ، و عثمان بن عفان رضي الله عنهما ، فرجف بهم الجبل ، فقال رسول الله : " اثبت أحد ، فإنما عليك نبي و صديق و شهيدان " .
ولد أبو بكر الصديق رضي الله عنه في مكة بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين و عدة أشهر ، و نشأ فيها و كان من أشرافها و كبار تجارها ، و كان أحد أهل الجود في الجاهلية و في الإسلام . و قيل عنه أنه في الجهلية لم يشرب الخمر قط و لم يسجد لصنم ، و عندما نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه و سلم كان أبو بكر أول من أسلم من الرجال الأحرار ، و قد قال صلى الله عليه و سلم : " ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة و تردد و نظر ، إلا أبا بكر ما عكم عنه حين ذكرته ، و لا تردد فيه " .
و كان أبو بكر أحد الذين تعرضوا للإهانات من قريش و هو من كبرائهم بسبب إسلامه و دعوته للإسلام جهراً ، كما أسلم على يديه العديد من الصحابة و من السابقين الأولين عليهم رضوان الله ، و كان أبو بكر يشتري العبيد المسلمين و يعتقهم لوجه الله تعالى ، و منهم بلال بن رباح .
و عند الهجرة كان أبو بكر صحبة رسول الله ورفيقه في السفر و سهل له الهجرة من مكة إلى المدينة حيث جهز للنبي دواب للسفر و كانت أسماء بنت أبي بكر تأتي لهما بالطعام و هما في الغار ، و بعد الهجرة و عند أمر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بالجهاد شهد الصديق معه الغزوات كلها .
وعند مرض النبي صلى الله عليه و سلم صلى أبو بكر بالمسلمين و تمت بعد ذلك مبايعته بالخلافة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم .
و توفي أبا بكر الصديق في السنة الثالثة عشر للهجرة بعد أن تم في خلافته فتح شبه الجزيرة و ولى على المسلمين من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه .