أبو بكر الصديق هو عبد الله بن أبي قحافة صديق رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وهو أيضاً حبيبه وسنده ورفيقه، له منزلة عالية لم يحظ بمثلها أحد من البشر، فلو وضع إيمانه في كفة ووضع إبمان الأمة في كفة أخرى لرجحت كفة إيمانه هكذا أخبر الرسول – صلى الله عليه وسلم -، عن عظم مكانة هذا الصحابي الجليل، وهو إلى جانب هذا كله ذو شخصية فريدة وعجيبة من نوعها، يجمع الرأفة ورقة القلب والحنو على الناس إلى جانب الحزم والشدة في المواقف التي تحتاج إلى ذلك، وهو راجح العقل فطن واع مدرك لما يدور من حوله ويعرف كيف يتصرف وتعرف على ما هى ردة الفعل المناسبة على الفعل نفسه، هو حكيم هذه الأمة، وهذا ظاهر من مواقفه أثناء فترة خلافته – رضي الله عنه -.
اللقب الذي التصق بهذا الصحاب الجليل، هو صِدّيق هذه الأمة، وهذا اللقب لم يأت من فراغ، إنما بسبب تصديقه للرسول في وقت تخلى عنه كل من حوله، فصدقه وآمن به في بدايات الدعوة فكان أول من آمن به من الرجال، وهو أيضاً من دخل على يديه عدد كبير من العشرة المبشرين في الجنة كالصحابي الجليل عثمان بن عفان – رضي الله عنهم جميعاً -، هذا إضافة إلى تصديقه للرسول في حادثة الإسراء والمعراج في الوقت الذي سخر كفار قريش من الرسول عندما قص عليهم هذه القصة.
ومما زاده رفعة وتشريفاً، مرافقته للنبي – صلى الله عليه وسلم -، في الهجرة فلقد كان كظله لا يفارقه، ساهراً على حمايته، لأنه يعلم أهمية وفائدة أن يصل الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة سالماً معافاً من أي مكروه أو أذىً، ويعلم أيضاً كمية الشر الذي يضمره المشركون للنبي ولدعوته الوليدة.
أما بعد وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم -، فلقد دافع أبو بكر الصديق عن المسلمين وحى بيضة الدولة الإسلامية، فقضى على الحقد الدفين الذي أضمره المرتدون عن الإسلام، وقضى أيضاً على الدعوات الكاذبة التي صدرت عمن ادعوا النبوة بعد وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم -، واستطاع ان ينقض أيضاً على الفرس والروم الذين كانوا يتربضون بالدولة الإسلامية، في حركة شجاعة خلدها التاريخ، فما لبث الجيش الإسلامي أن انتهى من حروب الردة، إذ تم إرساله في مهمة وهي قتال أعظم دولة آنذاك وهي دولة الفرس والتي استطاعت الجيوش الإسلامية في معجزة خلدها لهم التاريخ القضاء على دولة الفرس في عدد من السنين وفتح بلاد الشام والقضاء على دولة الروم فيها.