مثّل تعامل الإسلام مع الحيوانات و البهائم نموذجاً من أروع و أسمى النّماذج التي عرفتها البشريّة ، فقد عني الإسلام عنايةً شديدةً بكلّ ذي روحٍ من الكائنات ، و بعد أن كان الحيوان يعامل في العصور السّابقة معاملةً غير إنسانيةٍ و كما تعامل الجمادات ، جاء الإسلام ليغّير النّظرة اتجاه الحيوان و يحثّ على حسن التّعامل معه و الرّفق به ، فالحيوان مخلوقٌ خلقه الله تعالى و سخّره لخدمة الإنسان في مأكله و مشربه و تنقّله و دوائه و غير ذلك ، فوجب على الإنسان شكر الله تعالى على هذه النّعمة و المحافظة عليها مع حسن التّعامل معها ، و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم وصول الأجر إلى المسلم الذي يطعم النّاس و يطعم الحيوان كذلك بقوله في كلّ كبدٍ رطبة أجر ، و انّ في حسن تعامل المسلم مع البهائم الأجر الكثير فقد حدّث النّبي عليه الصّلاة و السّلام عن قصّة بغيٍّ من بغايا بني إسرائيل و كيف رأت يوماً كلباً يلهث من العطش فخلعت حذاءها و سقت له ، فغفر الله لها و أدخلها الجنة ، و بالمقابل روى عليه الصّلاة و السّلام قصة عن امرأة دخلت النّار في هرّة حبستها و لم تطلقها و لم تطعمها ، و لم تدعها تأكل من خشاش الأرض ، فتعرف ما هو أسلوب التّعامل مع البهائم و كيف نرحمها ؟ .
لقد كان للمسلمين قدوةٌ حسنةٌ في رسول الله عليه الصّلاة و السّلام في كلّ أمره ، و في تعامله مع البهائم مثّل أروع المثل حيث أمر بالإحسان في كلّ شيءٍ ، فإذا ذبح المسلم شاةً فليذبحها برفقٍ فيحدّ شفرته و يرح ذبيحته ، و قد حدث يوماً و بينما كان النّبي عليه الصّلاة و السّلام يسير في طريقه ، فإذا به يرى جملاً تذرف عيناه و يحنّ إلى النّبي الكريم فيقترب النّبي منه و يربت على ظهره ، ثمّ ينادي صاحبه فإذا هو فتىً من الأنصار ليحثّه على حسن التّعامل مع جمله بقوله إنّ جملك يشكو إليّ سوء تعاملك معه و عدم إطعامك له ، و هناك شواهد و قصصٌ كثيرةٌ في ديننا تدلّ على رحمة المسلمين بالحيوان و رفقهم به .