الغيبة والنميمة خلقان بشعان مذمومان على كافة الأصعدة، وتحديداً الصعيد الأخلاقي والصعيد الديني. تعني الغيبة أن يذكر شخص شخص آخر بالسوء وبما يكره في غيابه، أما النميمة فهي الإيقاع بين اثنين في المشاكل وعيوب عن طريق نقل الكلام بين الشخصين. والحقيقة أن الغيبة والنميمة هما من أمراض القلوب والتي تنتج عن غل متراكم وحقد دفين للأشخاص، وهما يدلان بشكل رئيسي على ضعف الشخصية، حيث أن الإنسان لم يكن ليكون نماماً أو مغتاباً إلا إن كان غير قادر على الإفصاح عما يدور في خاطره من أفكار وما يختلج في قلبه من مشاعر مختلطة التبست عليه، لهذا فترك هذا الخلقان المذمومان يدل أولاً على صفاء النية وعلى حسن الخلق وطيب المعشر .
ولترك هذان الخلقان ينبغي أولاً أن يصفي الإنسان قلبه وأن يبعد عنه أمراض القلوب من غل وحقد وحسد وما إلى ذلك من أمور، إذ أن هذه الأمراض القلبية هي التي تؤدي إلى وقوع الإنسان في هذه الآثام الخلقية المذمومة. إضافة إلى ذلك على الإنسان أن يتعامل بأريحية شديدة مع من حوله من الناس، وأن لا يكثر من خلق العداوات، فأصل الناس هو الخير، وليس كما يعتقد أو يظن هذا الشخص. إلى ذلك يتوجب على الإنسان أن يرتقي في أسلوب تفكيره وأن لا يلتفت إلى الصغائر و المحقورات من الأمور والتي تضيع على الإنسان جهده ووقته وتفكيره، حيث أن هذه الأمور والهبات الثلاثة إذا استغلت بالشكل الصحيح يمكن أن تنهض نهضة شاملة وكبيرة بالإنسان، ويمكن أن تنقله نقلة نوعية وضخمة أيضاً، كما يجدر بالإنسان أن يبتعد عن المجالس التي تكثر فيها مثل هذه الأعمال المحقورة، وأن يرافق الفضلاء من الناس أصحاب العقليات الكبيرة والتي يمكن أن تدعم الإنسان بكل تعرف ما هو خير ونافع من الامور، وأن ترفعه إلى المعالي، عن طريق تفتيح ذهنه وعقله على ما غفل عنه. كما وينبغي على الإنسان أن يدرس سير الأعلام والنبلاء الذين مرّوا يوماً ما في التاريخ وأبوا إلا أن يتركوا بصمتهم التي لا تزال معالمها واضحة إلى يومنا هذا.
كما ويتوجب على الإنسان أن يعتمد على الله تعالى في توفيقه، لأن الله تعالى هو خير لنا وأبقى من أي شئ آخر، كما أن الله تعالى هو الذي يحفظنا ويوفقنا ويسدد خطانا خطوة خطوة، وعندما نوفق في ما نعمل عندها سنبتعد تلقائياً عن هذه الأعمال المشينة المحقورة.