يتساءل الكثير منّا عن طريقة التّعامل مع من يعتدي على الإنسان بالقول أو الفعل ، فكلّنا يتعرّض لمواقف في حياته يفكّر فيها كيف يدافع عن نفسه اتجاه الأخطار و التّحدّيات المختلفة ، و لا شكّ بأنّ الاعتداءات المختلفة قد تكون على الأفراد أو الدّول ، فالدّولة القويّة هي الدّولة التي تمتلك ما هى اسباب القوّة من سلاحٍ عسكريٍ و اقتصاد قويّ يمكّنها من الدّفاع عن نفسها إذا تعرّضت للإعتداء ، و هذا الامر يتعلّق بهيبة الدّول ، لذلك أمر الله تعالى المسلمين بالإعداد الجيد لإرهاب أعداء الله و الدّين ، أمّا بالنّسبة للأفراد فالحال يختلف عن ذلك باختلاف المواقف ، فإذا تعرّض المسلم لمحاولة سلب ماله أو انتهاك عرضه فإنّه يحقّ له أن يدافع عن نفسه بالقوّة لدفع المعتدي ، و إذا مات فإنّه شهيد ، حيث قال النّبي صلّى الله عليه و سلّم ، من مات دون عرضه أو ماله فهو شهيد ، و كذلك الموت دون الدّين بلا شكٍّ ، و نحن نرى كثيراً من الانتهاكات التي تحصل للمسلمين في إفريقيا و آسيا و غيرها من البلدان التي يسيطر عليها الكافرون ، فمن دافع عن نفسه بالقوّة و قتل فهو شهيدٌ بإذن الله .
و قد يتعرّض المسلم لاعتداءٍ من قبل أخيه المسلم ، فيحرص على قتله أو إيذائه بسبب خلافٍ على شيءٍ من متاع الدّنيا ، فإذا تطوّر الخلاف إلى اقتتال بين المسلمين وجب على المسلم أن يجتنبه لأنّ القاتل و المقتول في النّار ، أمّا إذا لم يتطوّر الامر إلى القتال و إنّما كان مشادةً كلاميّةً ، فعلى المسلم أن يتحلّى بأخلاق الدّين فلا يسبّ و لا يشتم و لا يطعن في الأعراض و الأنساب ، و إذا صبر و لم يردّ على الذي شتمه كان ذلك من صفات المتّقين أولي العزم ، قال تعالى ( و لمن صبر و غفر إن ذلك لمن عزم الأمور ) ، و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم أنّ القوّة هي أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب ، و ليس الشّديد الذي يصارع النّاس ، فالمسلم في أخلاقه كلّها هو مثالٌ للإنسان الحضاريّ الذي يدرك أنّ الصّبر و التّحمل أمضى و أقوى من السّيف .