بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. أما بعد،
إنّ الدعوة إلى الله تبارك وتعالى يجب أن تكون وفق منهج سليم، وأسلوب حكيم، ويجب على الداعية أن يكون عالماً بالدين، ويجب عليه أن يكون على طريق الاستقامة والصلاح، وأن يكون متبعاً لسنة الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، ومتمسكاً بما كان عليه الرسول وأصحابه ومن تبعهم وتمسك بنهجهم. وهذا المنهج والأسلوب قد بينته وأشارت إليه العديد من النصوص الشرعية في القرآن الكريم، والسنة النبوية، ومن تلك النصوص، قول ربنا تبارك وتعالى: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } [النحل: 125]. ففي هذه الآية يخاطب الله تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ويأمره بأن يدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يجادلهم بالتي هي أحسن. وقد بين بعض المفسرين بأن معنى الحكمة التي ذكرت في الآية هو: الوحي الذي أنزله الله تعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والوحي هو: القرآن الكريم، والسنة النبوية. وقال بعض المفسرين بأن معنى الحكمة هو: أن يخاطب كل شخصٍ على حسب حاله، وأن يبدأ دعوته بالأمور المهمة، ثم ينتقل معه إلى ما دون ذلك من الأمور. وقد بين بعض المفسرين أن من الحكمة في الدعوة أن يخاطب الناس ويدعوهم وهو على علم وبصيرة.
ويجب على الداعية أن يأخذ بعين الاعتبار أن الناس أصنافٌ متعددة، حيث تتفاوت أحوالهم وأفهامهم، فمنهم من يكون جاهلاً لا يعرف من الدين إلى النزر اليسير، وعلى الداعية أن يتعامل مع هذا الصنف من الناس بطريقة خاصة، فلا يخاطبهم إلا بما تستوعبه عقولهم وتتقبله، كما يجب عليه أن يبدأ معهم بالدعوة إلى العقيدة الصحيحة والعبادة الصحيحة. ومن الناس من يكون غافلاً وبعيداً عن طريق الاستقامة، ومنغمساً في شهواته وملذاته، فيجب أن يتخذ الداعية مع هذا الصنف من الناس أسلوباً خاصاً في الدعوة، ومن أنجح الأساليب في دعوة هذا الصنف: هو أسلوب الموعظة الحسنة الذي سنوضحه في الفقرة التالية.
وأما أسلوب الموعظة الحسنة فهو من الأساليب الدعوية التي بينتها الآية الكريمة السابقة، والموعظة الحسنة: هي أسلوب الترغيب والترهيب، وبيان حكمة الشريعة الإسلامية وعظمتها، حيث يقوم الداعية بترغيب الناس بثواب الله، وبجنة الفردوس التي أعدها الله تبارك وتعالى لعباده المتقين، كما يقوم أيضاً بترهيبهم وتحذيرهم من العقاب الذي أعده الله تعالى للكفار والمنافقين، والفجار والفاسقين، والذي سيذوقونه في قبورهم، وفي نار جهنم. ومن الموعظة الحسنة أن يبين الداعية للناس الحكمة من بعض النصوص الشرعية، وأن يبين لهم إعجاز هذه الشريعة الإسلامية الغراء. ومن الموعظة الحسنة أن يبين الداعية للناس عجائب خلق الله تعالى، وحسن تدبيره في هذا الكون. ومن الموعظة الحسنة أن يتكلم أمام الناس عن أشراط الساعة، وأحوال أهل القبور، وأهوال يوم القيامة، واليوم الآخر وما سيجري فيه من الأحداث العظيمة.
والأسلوب الدعوي الذي يجب أن يأخذ به الداعية لدعوة الكفار والمكابرين وأهل البدع، يجب أن يكون أسلوباً جدلياً حسناً، حيث يقوم بجدالهم ونقاشهم بأسلوبٍ حسن لين.