استحوذت الأخلاق و أساليب التّعامل بين النّاس بعضهم البعض على جانبٍ كبيرٍ من التّوجيهات النّبوية و التّشريعات الرّبانيّة ، فقد أكّد النّبي صلّى الله عليه و سلّم بأنّ من تمام بعثته و رسالته أنّه جاء ليتمّم مكارم الأخلاق ، كما بيّن في حديثٍ آخر مرتبة أصحاب الأخلاق حيث أنّهم يكونون من أقرب النّاس إليه يوم القيامة ، و في الحديث الآخر بيان فضل حسن الخلق و كيف أنّ صاحب الخلق يتحصّل على خير الدّنيا و الآخرة ، و قد اثنى الله تعالى على نبيّه الكريم حيث قال ( و إنّك لعلى خلق عظيم ) ، و ذكرت سورة الرّحمن عدداً من صفات المتّقين الذين تحقّقت فيهم صفات العبودية لله ، و من بين هذه الصّفات أنّهم يتحلّون بصفات التّواضع فلا يتكبّرون ، و إذا خاطبهم الجاهلون أعرضوا عنهم ، و هم الذين يحرصون على تسخير طاقاتهم في عبادة الله تعالى ، و هم الذين يعلمون حرمة الدّم المسلم و حرمة النّفس الإنسانيّة فلا يقتلون النّفس التّي حرّمها الله إلا بالحق ، و لا يرتكبون ما حرّم الله تعالى من الذّنوب و الآثام كالزّنا و شهادة الزّور و غيرها ، و يستشعرون مراقبة الله سبحانه لهم في السّر و العلن ، و يصل الإيمان بهم إلى مراتب الإحسان حيث يعبدون الله تعالى كأنّهم يرونه رأي العين .
و قد رويت أحاديث كثيرةٌ عن النّبي صلّى الله عليه و سلّم تحثّ على حسن الخلق ، و حسن التّعامل مع النّاس ، و من بينها قول النبي الكريم ( من كان يؤمن بالله و اليوم لآخر فليكرم ضيفه ) ، و في الحديث الآخر ( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) ، كما نفى النّبي الكريم صفة الإيمان عن إنسانٍ لم يؤمن جاره شروره ، و دلّ على أمورٍ تصنع المحبّة بين النّاس كافشاء السّلام و التّهادي و إطعام الطّعام ، و السّعي بين الناس بالخير ، و تفريج الكربات و إغاثة الملهوف ، و غير ذلك الكثير من أعمال الخير و حسن التّعامل مع الخلق و التي تعدّ من صفات المؤمنين المتّقين الذي يرجون رحمة الله تعالى و الفوز بالجنّة .
