التوبة والرجوع إلى الله تعالى من ضروريات الحياة للإنسان، فليس هناك من هو ليس بمخطئ، حتى ولو كانت هذه الذنوب والخطايا تتفاوت من إنسان إلى إنسان آخر، فتبقى سمة عامة من السمات التي تميز كافة البشر على الإطلاق. كل ابن آدم خطاء، وخير الخطَّائين التوّابون، هكذا أخبرنا معلمنا الأعظم – صلى الله عليه وسلم -، لهذا فينبغي أن لا يستهين الإنسان بذنب ارتكبه وحرمه الله تعالى، فالله تعالى لمن يحرم شيئاً من فراغ، بل لما هى اسباب متعددة يعرفها القاصي والداني.
أما بالنسبة لمحيط الشخص الذنب، فإنه لا ينبغي عليهم أن يسيئوا إلى هذا الشخص المذنب مهما كان ذنبه، فحسابه على الله تعالى وليس عليهم، وأولى لهم أن يلتفتوا إلى أنفسهم قبل أن يلتفتوا إلى غيرهم ويحاولوا تصليح اعوجاجهم هم قبل أن يصلحوا اعوجاج غيرهم من الناس، فإنه لا يتوجب أن يكون هناك أي نوع من أنواع الإساءة إلى أي شخص كان مهما كان ذنبه ومهما عظم خطؤه، بل يتوجب أن نأخذ بيده ونحاول أن نعيده إلى جادة الصواب بيننا من جديد، وأن نعيد تأهيله حتى يصبح شخصاً نافعاً في المجتمع ليس إنساناً منبوذاً في مكان ما لوحده بلا أي أنيس أو رفيق له ولوحشته وغربته عن بني جلدته، فهذا الإقصاء للمذنبين ليس من خطة الله تعالى في الكون، وهذا الحنق الزائف على المجرمين أو مرتكبي المعاصي والذنوب أيضاً ليس من خطته، ولنا في قصة مريم المجدلية عبرة وآية.
طريق التوبة مفتوح أمام كل مؤمن بالله تعالى، ويكون بترك المعصية والإصرار على الابتعاد عنها نهائياً فالبعد عن المعصية وكرهها والندم على فعلها في يوم من الأيام هو سبيل التوبة، ثم بعد ذلك ما نسميه التكفير عن الذنب وذلك عن طريق فعل الخيرات والبعد قدر الإمكان عن مواطن الذنوب والشبهات، وهذا لا يعني الانكفاء على الذات وهجران الحياة العامة، بل يعني مخالطة الناس والاختلاط بهم، لأن ذلك سيعمل وبشكل كبير جداً على أن يعزز عند الإنسان روح الخير، عن طريق مساعدته للمحتاجين وتقديمه الخير لأهله ومجتمعه، وبالتالي يكون قد سار على الدرب الصحيح والطريق القويم الذي سينجيه في الدنيا والآخرة ويكفر عنه ذنبه الذي ارتكبه هذا الشخص، فالإنسان هو من يحدد كيف ستسير حياته فإن اختار حياته لتكون حياة صالحة فإنه ستكون كذلك، أما من أراد لحياته أن تكون حياة مسارها سيء فأيضاً ستكون كذ لك.