أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدّين كلّه، وأنزل الله معه القرآن، وجعل له مع القرآن هدياً مثله وهو السنّة التي نعرف منها ديننا ؛ لأنّ نبينا صلّى الله عليه وسلّم قال ( إني أوتيت القرآن ومثله معه ) فلا يحقّ لمسلم أن يؤمن بالقرآن ويكفر بسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم ؛ لأن السنّة شارحة للقرآن الكريم ومبيّنة لها، فلولا السنّة لما عرفنا الآذان ولما عرفنا كيف نصلّي ولا كيف نتوضأ ولا عرفنا أي أمر من أمور الدين العظيمة، ومن تمام رحمة الله عزّ وجلّ بنا أن حفظ لنا القرآن الكريم من التحريف والتبديل وأن يسّر لهذا الدّين رجالاً حفِظوا سنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم وأوصلوها لنّا في أعلى درجات النقل والتثبّت من الصحّة بروايات رجال ثقات عن ثقاتٍ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
)، فلا شرع ناقص ولا بقية لما اكتمل ؛ لأن الدين أكمله الله حين أنزلت هذه الآية الواضحة الصريحة في اتمام الدّين، فلا يُعقل بعد ذلك أن يقوم مسلمٌ بأمر يظنّ أنّهً شرع أو أنه هدى من الله خصوصا إذا لما يثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم وعن السلف الصالح الذين هم خير القرون وهم القرون الثلاثة الأولى.
لكن لا يتبادر إلى ذهن أحدكم أنّ الزيادة في الطاعات هي من البِدَع، بل هي ممّا يرفع الله به الدرجات ويقرّب به العبد الى مرتبة الولاية، ولكن البِدَعة هي أن تستحدث في دين الله ما ليس منه، كأن تأتي بصلاة جديدة ليست من الصلوات الخمس وتدعو الناس إليها، وهذه من أخطر البدع أو أن تأمر الناس بذكرٍ مخصوص وتجعله ورداٌ لهم يقولونه في صبحهم ومسائهم ويتمسّكون به وهو مما لم يرِد عن رسول الله بل هناك من الاذكار والأوراد عن رسول الله ما فيها غِنى وكفاية الداعي والسائل.
أيضاً فإنّ البدع خطرها عظيم على الدّين خصوصاً إذا اعتقدها الإنسان وأمر بها غيره على غير هدى من الله ولا صحيح سنّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أو فعلّه أحدٌ من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، فعندها يكون ممن انطبق عليهم قول الله عزّ وجلّ: ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا).
وأقول هنا أنّ على المسلم أن يبتعد عن كلّ محدث في الدين ؛ فإنّه ضلال وإنّ الضلال مع الاعتقاد بصحته هو مخالف بظاهره وباطنه هدي النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلا شكّ أنّه سيورد صاحبه المهالك ويبتعد به عن سبيل النجاة، فعلى المسلّم أن يتمسّك بكلام الله عزّ وجلّ وما عليه هدي النبيّ صلى الله عليه وسلّم كما وصلنا من صحيح السنّة ويكون ذلك بفهم أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ورضي الله عنهم أجمعين.