يعتبر الإنسان مهما بلغت قوته وسطوته في الأرض عاجزاً إذا تُرك لوحده، فلذلك يلجأ الإنسان إلى أقرانه من البشر من أجل تحقيق أهدافه في الحياة، كما نرى أشخاصاً آخرين يتذلّلون إلى من هم أعلى منهم مركزاً وسطوة في الأرض من أجل تحقيق ما يبتغونه، ولكن مهما علا مركز الشخص في الأرض فإنه يظل في النهاية كائناً عاجزاً فلا يستطيع أي إنسان أن يبعد عن نفسه المكروه والأذى، ولذلك يلجأ الإنسان الواعي والمدرك لحقيقة الدنيا إلى الله عز وجل كي يلبي له احتياجاته ويبعد عنه كل شرٍّ ومكروه فالله عز وجل هو الوحيد القادر على ذلك فهو الأعلى الذي ليس فوقه شيء وهو عز وجل القوي ومالك الملك وملك الملوك.
ويلجأ الانسان إلى الله عز وجل عن طريق الدعاء فهو أداة الوصل بين المخلوقات والخالق، فترك الله عز وجل هذا الباب مفتوحاً بينه وبين مخلوقاته ليعلم أي إنسان أنه مهما أصابه في الدنيا فإن الله عز وجل معه على الدوام إذ أن الإنسان يعلم بذلك أن الله عز وجل وهو القادر على كل شيء معه على الدوام ولذلك يمتلك بذلك الإنسان الشجاعة للقيام بأي شيء أحلّه الله وذلك لعلمه أنّ كل ما قد يحصل معه سيكون خيراً له.
وقد قال الله عز وجل في القرآن الكريم:" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"، وقد ذكر العلماء أنّ صيغة السؤال بيسألونك وردت في القرآن الكريم أربعة عشر مرة وكانت في كل مرة تُجاب بقل إلّا في هذه الآية الكريمة، ويعتبر هذا الأمر من البلاغة في القرآن الكريم إذ إن الفاء وهي أحد أدوات العطف تستعمل في العطف بين حدثين متتابعين ولا تفصل بينهما مسافة زمنية، ولذلك استخدم الله عز وجل الفاء للإجابة على هذا السؤال، كما أنّ الإجابة بقل في هذا الموضع تزيد المسافة بين العبد وبين الله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى أقرب إلى الإنسان من أي شخص آخر فهو يجيب الدعاء مباشرة عندما يدعوه الإنسان ولكن يجب أن يكون قلب الإنسان حاضراً كي تتم الإجابة.
وإن من أسرع ما يجيبه الله عز وجل من الدعاء هو دعاء المسلم لأخيه المسلم في ظهر الغيب، فالدعاء في الغيب يعتبر أصدق أنواع الدعاء فأنت لا تكون بذلك ترائي على الإطلاق ولا يكون في قلبك أي أحد غير الله عز وجل.