يشكو بعض المتخصصون في المجالات المهنية من الضغط الهائل الذي يتعرضون له في العمل، وقد نسوا تمامًا أو تناسوا أنّهم هم من اختاروا هذا التخصص دون سواه، لكنّهم حين يوضعون في ميدان العمل وواقع الحياة تتغير نظرتهم إلى طبيعة عملهم، وتصبح مقولة "حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب" موجهة إليهم.
وفي سبيل هذه الجملة على الفرد القيام بتنازلات كثيرة تتضمن أن يعمل أشياء لا يحبها في سبيل الوصول للأشياء التي يحبها، فلكي يكون الفرد طبيبًا وهو لا يحب التشريح عليه أن يحتمل دراسة مساقات التشريح التطبيقية، حتّى يمارس عمله مستقبلًا بفحص ومعاينة المرضى ومعرفة أمراضهم وهو ما يحبه.
إذن الارتقاء نحو النجاح يكون من خلال صعود السلم، درجة، درجة، ويتم الصعود بحبٍ كبير، ويقين تام بالوصول للقمة التي نريدها، وهذا يعطي دافع لاحتمال كل ما قد يعيق الحياة والطريق المهني، من عدم استقرار، والتنقل من مكان لآخر.
ومهما كانت الدرجة التي يقف عليها الإنسان عليه أن يرضى بها وبالمكان المتواجد به وبمكتب العمل الذي يقوم به، والرضى بأي شيء سبيل تحقيق الذات فيما بعد مع مواصلة التقدم للأمام لا البقاء على نفس الدرجة لفترة طويلة، وخطوة على الطريق الصحيح.
ولكن على الانسان أن يكون له هدف نبيل وراقي، من العمل الذي يقوم به، كان يطور من نفسه ومن مجتمعه وبيئته، فإن رأى فيما يعمل تحقيقًا لهدفه فبقاؤه فيه يضمن له البقاء على طريق الصواب، أمّا لو كان عمله لا يحقق هدفه، فليحاول أن يكون يغير من بيئة عمله حتى تتناسب مع هدفه، فإن لم يستطع فعليه أن يفكر في مكان عمل آخر ليذهب إليه يتوافق مع ميوله ورغباته، والذكاء هنا في ألّا يترك عمله قبل أن يجد مكان آخر لنفسه.
ومن أهم أسس الوصول للعمل الذي تحبه هو أن تلقي بنفسك في معترك الحياة والمؤسسات ذات العلاقة بمهنتك وتخصصك، ودع الحياة تحرك بين أمواجها، لتمنحك دروسًا ترافقك مدى العمر وتضيف إلى خبرتك الكثير، ممّا لم يخبرك به أحد، وهذا يحتاج لشجاعة كبيرة وقوة وثقة في النفس، على كل ناجح أن يجعلها تنطلق من داخله.
والآن يتفق الكثير من الناس على أنّ الجزء الأول من المقولة خاطئ، فهناك الكثير من الأعمال التي يوقعون على عقود عملها ثم يكتشفون كم أنّهم يكرهونها ولا تتفق مع ميولهم، لكنّهم مرغمون على مواصلة العمل، فحين يكونوا مرغمون وغير محبين للعمل الذي يقومون به، لكن يواصلونه باستمرارية، فهم أشخاصٌ انهزاميون؛ لأنّ حياة الانسان الواحدة لا تتكرر، فإنّها فرصة واحدة تتاح له، فإن لم يعمل ما يحبه، فمتى سيعمله لو قضى حياته في محاولته حب ما لا يحبه في عمله؟!.