يتمركز الإنسان ويعيش ضمن جماعات وعلى أراض يرتضيها هو وجماعته سواء المحيطة به المقربة منه، أو على المستوى الأكبر كالقبيلة أو الشعب، فخلال عيشه على هذه الأرض تصبح هذه الأرض قطعة منه، يعيش عليها ويتزوج ويتكاثر ويأكل ويشرب وينام ويصنع ويعمل ويخترع ويتثقف ويبني ويتنقل، فتصبح هذه الأرض قطعة منه لا يستطيع العيش بعيداً عنه، وينشأ مفهوم وتعريف ومعنى الوطن في قلبه ووجدانه، فالوطن شيء غال لا يقدر بثمن، فهو الذي ولد فيه الإنسان وقضى على أرضه اجمل وافضل سنين حياته وعاش فيه وعمر أرضه، فلي من السهل عليه أن يفترق عنه لأي سبب من الأسباب، فالبعض عند سفرهم خارج أوطانهم يصابون بعلل وأمراض نفسية قد تكون مستعصية لأنهم يشعرون وكأنهم غرباء على أرض غريبة. فالوطن متجذر في نفس الإنسان سليم النفس صاحب المشاعر الصادقة.
ولكن تحدث بعض الظروف الإطرارية التي تضطر الإنسان لأن يبتعد عن وطنه، فالهجرة هي انتقال الإنسان من وطنه الأصلي إلى بلد آخر ليسكن ويقيم فيه ويؤسس حياة جديدة. تتنوع ما هى اسباب الهجرة باختلاف المواقف من شخص إلى آخر، فمن ما هى اسباب الهجرة أن يهاجر الإنسان بسبب الالبحث عن عمل فيجد فرصة العمل المناسبة التي توفر له حياة كريمة هانئة وتبعد ضنك العيش عنه وعمن يعيلهم من أسرته، وبالتالي يضطر لأن يهجر بلده وموطنه الأصلي ليكون قريباً من عمله الجديد، وما أكثر هذا النوع من الهجرة في بلادنا !!!
وهناك أيضاً الهجرة بسبب الحروب، فإذا شنت الحرب في بلد معين واتخذت هذه الحرب طابع الحرب الأهلية، هرب الناس بحيواتهم وحيوات أسرهم وعائلاتهم من الهلاك والجحيم المشتعل في بلدانهم، فيبحثون عن بلد آخر يستقرون فيه ويؤسسون لأنفسهم حياة جديدة تكون أكثر هدوئاً واستقراراً. إضافة إلى ذلك هناك الهجرة بسبب حدوث الكوارث الطبيعية والمآسي التي تحدث في البلاد، وأيضاً هناك ما يعرف باللجوء السياسي وهي الهجرة لما هى اسباب سياسية، فقد يحمل الإنسان فكرة معينة يتحمل بسببها الأذى والاضهاد خصوصاً وإن كان يعيش في ظل نظام قمعي فاشي ظالم ليس فيه مساحة للحوار أو للرأي الآخر فيضطر الإنسان للهرب بحياته والعيش في دولة أخرى. وما أكثر الهدجرة بسبب الأفكار وأشهرها الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة هرباً بالدين وبالفكرة الوليدة من طغيان المشركين وتجبرهم بجماعة المسلمين، حيث كانت هذه الهجرة فاتحة خير على الأمة الإسلامية كلها، فبها تأسست الدولة وقويت شوكتها، واستطاعت أن تمتد إلى كافة أرجاء الجزيرة العربية فيما بعد.