الصداقة
الصداقة هي تلك الرابطة القوية التي تربط الناس بعضهم ببعض، ولا يشترط في طرفي الصداقة أن يكونا غير أقرباء، فالصداقة تكون أيضاً بين الأب وابنه، الأم وابنتها، والأخ وأخته، والأب وبنته، وقد تكون بين أبناء العم، وأبناء الخال، وهكذا، وقد تكون أيضاً بين غير ذي القربى من الناس، وفي الكثير من الأحيان قد يكون الصديق أقرب من أفراد العائلة الذين من المفترض أن يكونوا أقرب الناس إلى الإنسان؛ وذلك إمّا لأنّ الأهل بعيدون جغرافياً، أو لأنّ الرباط الذي يربط الشخص بعائلته ضعيف جداً، ويكاد يكود مقطوعاً.
صفات الصديق
الصداقة هي التقاء روحين أولاً وأخيراً، لهذا فإنّ اختيار الصديق يعتمد ابتداءً على مدى الراحة التي يشعر بها الصديق عندما يرى صديقه، ففي العديد من الأحيان قد يستغرب شخص ما من صداقة شخصين آخرين مع أنهما غير متشابهين ولا في اى تفصيل من التفاصيل، ومع هذا هما كالأخوة، ولكن لو قُدِّر للإنسان اختيار صديقه والبحث عنه، فإنّه من الاحسن وأفضل أن يالبحث عن شخص يمتلك المعايير التالية.
- يجب أن يكون الصديق ذا عقل راجح، بحيث يكون ملجأً مناسباً عند وقوع مشكلة ما، وبحيث أيضاً يكون مرآة لصديقه، يكشف بها عيوبه وأخطاءه، ويحميه من التعثّر، وقد يزيد الصديق الذي لا يُعمل عقله من حجم المشاكل وعيوب التي قد يورّط فيها أصدقاءه ومعارفه.
- أن يكون الصديق موصولاً بالله، وليس صلة شكلانية كأولئك الذين يكثرون من العبادة والتسبيح ولا يلتفتون أبداً إلى أخلاقهم، وتعاملهم مع الناس، فالصلة بالله تقتضي أن يكون الإنسان خلوقاً، ذا روح عظيمة أولاً وأخيراً.
- أن لا يكون الصديق لاهثاً وراء مصلحته من وراء إقامة علاقة الصداقة، فالصديق الذي يسعى فقط وراء مصالحه هو قطعاً لن يكون وفياً، ولن يسير مع الطرف الآخر إلى آخر الشوط، بل سيتركه في منتصف الطريق ويرحل عندما تنتهي مصلحته.
- الصديق يجب أن يضحي من أجل صديقه، لا أن يتركه في الأزمات وحيداً، وفي هذا الصدد فإنّه لا ينبغي أيضاً الإثقال على الصديق أو معاتبته بشده، فالصديق في بعض الأحيان قد لا يملك ما يقدّمه، إلا أنّه يبقى مسانداً لرفيقه معنويّاً، ونفسيّاً، وهذا أضعف الإيمان، بل وكل الإيمان في حال كان الصديق محدود المهارات، والقدرات.
اختيار الصديق
أمّا عن الطريقة التي يختار بها الصديق صديقه فيجب أن تكون مبنية على الثقة بأنّ هذا الصديق هو أهل فعلاً للوثوق به وملازمته، ويكون ذلك من خلال الامتحانات المتتالية التي قد يخضع لها الصديق، فمثلاً إذا مرت بالإنسان محنة ما ولم يقف صديقه إلى جانبه ـ حسب استطاعته - فإن هذا الصديق لن يكون أهلاً للصداقة، وأيضاً إن كان الصديق من النوعيّة التي تفقد السيطرة على نفسها عند الغضب فهو لن يكون أهلاً للصداقة فهذا الشخص عندما يغضب سيفعل أيّ شيء ليشفي غليله ـ بشكل عام - حتى لو لم يتأكّد من صحّة معتقداته، كما أنّ السفر مع الصديق يعتبر احسن وأفضل كاشف لأهليّته، حيث يظهر السفر معدن الصديق بشكل كبير جداً.