طريقة التعبير عن الحب
إنّ شعور الحب لا يخلو منه قلب إنسان على وجه الأرض، وتتعدد جوانبه لتشمل معظم علاقات الحياة، فمن حبّ للوطن، إلى حب للقيم والمبادئ النبيلة، إلى حبّ الإنسان لأخيه الإنسان بشكلٍ عام، وكذلك حبّ الإنسان لمن يشاركه في العقيدة والاهتمام، كما أنّ هناك جانب آخر مهم في حياتنا وهو الحبّ الغريزيّ بين الجنسين.
جميع هذه الأصناف تأخذ علاقة الحبّ فيها درجة متقدمة وعمقاً أكثر من شعور الصداقة، إذ إنّ الصداقة قد تطغى على الشعور فيها نزعة المصلحة الذاتية والشخصية، فتنتهي بانتهاء المصلحة، بينما شعور الحبّ يتقدّم على كلّ مصلحة، بل تحرّكه القيم والمبادئ الأصيلة، وكذلك احترام لذاتية العلاقة بالطرف الآخر، وهناك طرق ووسائل تعبير عن الحب، تختلف باختلاف النّاس وثقافاتهم، وتختلف بنوع الحبّ أيضاً.
حبّ الإنسان لوطنه
تتعدد طرق ووسائل الإنسان في التعبير عن حبّه وعشقه لوطنه، فمنها الناحية العملية، بزراعته، وتشجير أرضه، وخدمة أهله، والدفاع والتضحية من أجله، ورفع شأنه بين الأوطان والأمم، فكلّها عناوين عملية تعبّر عن شيء واحد هو الانتماء للوطن الغالي والحبيب، وتعدّ هذه من أقوى لغات التعبير عن الحبّ للوطن، ومنها كذلك الناحية المعنوية والشعورية، وتشمل على سبيل المثال كتابة الأشعار، وتلحين الأغاني والقصائد في حبه، وتنمية كلّ المهارات الإبداعية في مختلف الفنون من أجله، وهذه الطريقة إنّما تعبر عن القيمة الحضارية للإنسان؛ فهي الحافظة للهوية والكرامة ولا تقلّ عن الناحية العملية، بل هي داعمة ومؤيدة لها، ومتى تلاقتا معاً كان التعبير أقوى وأجمل.
حب الإنسان لأخيه الإنسان
هذا شعور نبيل يعكس القيم النبيلة عند الإنسان، فقد يثير الإنسان إعجاب أخيه الإنسان، وهنا لا بدّ من إشعاره بهذا الحب أو الإعجاب، وعدم بقائه حبيساً في الصدر؛ لأنّ الوصول لهذا الشعور يكون تأكيداً للعلاقة ورفعاً لشأنها، وتمازج للأرواح المتحابّة، وسعادة أيضاً، من خلال الكلام المباشر والمعبّر عنه بشكلٍ صريح من خلال العبارات وكلمات وعبارات المتعارف عليها، وبحسب الثقافة السائدة، أو إشعاره بذلك من خلال كتابة رسالة حميمية ناطقة بصدق المشاعر ونبلها، ولكن لسانها القرطاس واليراع، وبالوسيلة التي يرتئيها في إرسال الرسالة، ولهذا النوع من التعبير ميزة وهي أنّه ربّما يستوعب صدق المشاعر، وقوّة الصراحة، ويسترسل فيه العقل والقلب والخيال معاً، مع امتطاء منابر التعبير بصدق وشفافية.
الحب بين الجنسين
هذا صنف من الحب لا يخلو منه قلب إنسان أيضاً، والذي يحدد آلية التعبير عنه هو الثقافة السائدة، وما يهمنا هو ما يتعلّق بالنوع المنضبط منه والذي يكون ضمن العلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة ويتفّق وغايات الإنسان وهدفه للتعبير عن مشاعره النبيلة الصادقة نحو الطرف الآخر، ، فإرسال رسالة بآلية مناسبة، والمتّصفة بوالصدق، تُعدّ إحدى الوسائل، ومن ذلك أيضاً المشاركة بالاهتمام من خلال المساحات الثقافية، والمنابر الإعلامية المشتركة بينهما كشبكات التواصل وغير ذلك فيظهر إعجابه، ومتابعته لاهتمامات الطرف الآخر، ومن ذلك أيضاً تعزيز جوانب الإبداع ودعمها، كأن يظهر الإنسان إعجابه بمجالات الإبداع للطرف الآخر، وذلك في مختلف جوانب الحياة، وهنا ثمّة محاذير في هذا النوع من الحبّ لا بدّ من الإشارة إليها: * استغلال مشاعر الطرف الآخر، أو العبث بها، لتحقيق مآرب شخصية آنيّة، فعواقب ذلك لن تقف عند حدّ معيّن.
- كسر وهتك ستار الحياء والعرف العام، في مجال أسلوب التعبير الكتابي، ومهما كان هذا الأسلوب يجب أن يكون الهدف هو التعبير عن الإعجاب، والرغبة الجادّة بإنشاء علاقة، تنتهي بغاية سامية تجمعهما.
- المبالغة في الحديث عن نفسه، فهذه لا تُعبّر إلا عن ضعف في شخصيته، وحاجته لتعزيز ذاته بعين الطرف الآخر، وستكون النتيجة عكسية.
- التصنُّع في إظهار صفات لا يمتلكها هو أصلاً، فالأيام كفيلة بكشف كلّ مستور.
إنّ فن التعبير عن الحب يُسَّرِعُ وَيُسَهِلُ في وصول رسالته، ومن لم يمتلك آلية مناسبة، وحكمة في التعبير، وأسلوب ومداخل مناسبة لهذا التعبير، فلن تصل مشاعره لهدفها، قد تخرج منه فعلاً، ولكن لن تصل لانعدام وسيلة التعبير المناسبة.