إنّ العمل الصالح هو واحةٌ رطبةٌ غناء في صحراء قاحلة تنجيك من الفتن والأهواء ، والعمل الصالح هو الذي يؤنسك في وحشة القبر ، والإنسان كل ما يريده من هذه الدنيا هو العمل الصالح ، فبالعمل الصالح تنزل الرحمة وتأتي البركة ويستجاب الدعاءُ ويحصل الأمن والأمان وبالعمل الصالح تثقل موازيننا يوم القيامة يوم لا ينفع ولد ولا دينار فثمار العمل الصالح تكون آجلة وعاجلة ،العمل الصالح يشفع لصاحبه في الدنيا والآخرة ، فثمرة العمل الصالح عاجلة في الدنيا وآجلة في الآخرة لقوله تعالى: " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ" وقال تعالى أيضاً: " فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً " إذاً العمل الصالح هو ما يصدر عن الإنسان في حق نفسه وحق المجتمع وحق الدولة.
والذي يتبادر إلى ذهن الإنسان المسلم من ألوان العمل الصالح هو ما إعتاد عمله ومستمر على عمله الإنسان المؤمن أو كان من السهولة عليه عمله ، مثل المواظبة على العمل على ذكر الله تعالى وإقامة الصلاة والصيام وتلاوة القران الكريم، وهذا كله خيرٌ وعمل صالح ولكن لا يتعدّى المنفعه لصاحبهِ أي صاحب العمل والمداوم على هذا العمل فقط ، وهنا يجد المسلم عند العمل الصالح لذّة الطاعة ولذّة العمل الذي يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى ويجد فيه راحة البال وطمأنينة في حياته و نفسه، وهناك أعمال صالحة أمر بها وشدّد وحضّ عليها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يتعدَّى نفعها من قام بها أي صاحبها و هذه الأعمال الصالحه التي تكون مشتركة مع المجتمع المحيط ، ويتفاعل فيها مع المجتمع من حوله، يتأثّر به وبأحواله، ويؤثّر فيه بنشاطه وجهوده الطيبة والخيّره، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلُّوا بالليل والناس نيام» ، تلك الأعمال كلها عمل صالح حضّ عليها الله و الرسول الكريم ويكون العمل الصالح مخلصاً لله تعالى وأيضاً وفق الشريعة الإسلامية وبدون هذين الشرطين يصبح العمل لا قيمة له.
إنّ الإسلام دين المعاملة ودين السماحة ودين العمل الصالح وهناك عمل صالح لا ينقطع عمله عند موت صاحبه ويصبح صدقة جاريةً واهم شرط لقبول العمل الصالح هو الإيمان وهو شرط أساسي حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى? وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ? وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " ، حيث حثّ القران الكريم في كثير من سوره وآياته على العمل الصالح المقرون بالايمان بالله تعالى والخالص لوجهه الكريم سبحانه ، لأنّ العمل الصالح هو العمل المرضي عند الله تعالى.
وعند الشروع بقيام بالعمل الصالح يجب على المؤمن أن يبتعد عن البدعة بكل ألوانها وأشكالها وصنوفها لأنّ البدعة في الدين هو طعن للدين والزعم بنقص هذا الدين ومناقض لقوله تعالى بأنه أكمل الدين وأتم النعمة علينا.
إنّ العمل الصالح له مكانة كبيرة وعظيمة جداً في الأسلام لأنّه ثمرة من ثمار الإيمان وربطهُ الله عز وجل بالفوز والسعادة والنّجاة في الدنيا والأخرة وأنّ تركهُ هو خسارة كبيرة كما قال الله تعالى في محكم كتابه بذلك الأمر في سورة العصر "والعصرِ * إنّ الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ، وإنّ الأعمال الصالحة التي يقوم بها المسلم المؤمن لها أجر متفاوت حسب العمل الذي قام به المؤمن فليس كل اجر يماثل أجر الذي قبله ، فأعظم هذه الأعمال العبادات والفرائض كما في الصلاة والصوم ثم تاتي بقية الأعمال الأخرى مثل النوافل وعمل الخير مع الناس.