يعتبر علم الفقه من اقدم العلوم في الإسلام وأكثرها أهمية وفائدة وأكثرها تشعبا وأوسعها منهجا، نشأة هذا النوع من العلوم منذ بزوغ فجر الإسلام إلى يومنا هذا، وبرزت فيه العديد من المذاهب الفقهية التي ينتمي إليها زخرة من الفقهاء ذو علم واسع أمدونا بالعديد من الكتب الفقهية، ولذلك بلغ الاهتمام بهذا العلم أوجه لما له من دور في تناول مساءل الحياة متعددة الأبواب خصوصا الاجتماعية منها ويحدد الموقف الشرعي منها، كما انه يبحث بالجزئيات من حقوق ووجبات، آداب وأحكام من المستحبات أو من المكروهات، وهو شمل بهذا ما سنه العصر الحالي من حقوق أساسية وإدارية واجتماعية والسياسية والاقتصادية، وكذلك جوانب الإنسان والحيوان، كما تلقي بظلالها على أبحاث علم الفقه من الملخصات وأبواب.
ويعرف الفقه لغتا: التفقه أي التفهم والإدراك والتأصل، وفقهُ بالضم أي صار فقيها عالما، وهو أيضا العلم بالشيء ، وأطلق على علم الدين لسيادته.
وقد أشار الله لمعنى الفقه في العديد من الآيات القرآنية ومنها قوله تعالى: ?فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?4 والمراد من الآية التعلم والتفقه وليس العلم الأصولي المدون.
ويعرف الفقه اصطلاحا على انه تعلم لإحكام الشريعة الموجزة بالأدلة التفضيلية لتحقيق السعادة الأخروية كما عرف من قبل علماء الشريعة، حيث عندما يقر العبد بالعبودية لله وحده،يجتنب نواهيه ويلتزم أوامره، وينبغي أن يراقب كافة تصرفاته وبناء علاقاته مع المجتمع على أساسها، ولذا كان من الضروري أن يحتكم المسلم للشريعة لتنظيم كافة جوانب حياته، بحيث يحدد الهدف من ترك كذا أو الإقبال على كذا بناء على الجوانب الدينية، وبتالي فأنه يحقق ما هى اسباب السعادة الدنيوية.
وقد أطلق مصطلح الفقه منذ بداية الإسلام على العلم الذي يجمع كافة الجوانب الإعتقادية ومثالها الأحكام الوجدانية: كالصدق والأمانة، والأحكام العملية التفصيلية: كسائر العبادات من صلاة وصيام وزكاة وعقد القران والإيمان بالقدر خيره وشره. وتطور مفهوم وتعريف ومعنى الفقه تدريجيا، فقد عرف في العصر العباسي على انه: وهو معرفة الأحكام الشرعية المتأصلة من أدلتها التفصيلية، والمراد من الأحكام الشرعية هنا، الإحكام المنظمة لعمل الإنسان من صلاة وقرأه القرآن وبيع وتجارة. ولا يقتصر مفهوم وتعريف ومعنى الفقه على الفرد فحسب، بل يشمل الجماعات لما توطده من علاقات كالعدل والمساواة وغيرها.
ودراسة علم الفقه شاملة ومتعددة الجوانب كما أنها زاخرة بالفوائد للمجتمع وللعالم إن طبقت في المسار الصحيح فهي تحقق رضا الله تعالى وتوفيقه والإرشاد وألهداية للخير، كما إنها تنظم حياة الفرد والمجتمع، فأن عرف المسلم الأحكام الشرعية من أصولها، رقي لما هى اسباب الحلال والحرام، واحتكم لمنهج شرعي رشيد قوامه الشريعة الإسلامية دون التأثر بالأهواء وتحقيق الرغبات والشهوات الشيطانية، كما له دور كبير في حل النزاعات والمشكلات الإنسانية من حيث تزويد المسلم بالأدلة الشرعية المنظمة لحياة الفرد والمجتمع، لا سيما يوجد حلول للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية كمشكلات الفقر والتشرد والبطالة.