الإطعام هو توفير الطعام ، والمسكين هو الفقير المحتاج غير القادر على تأمين قوت يومه والذي يساعده على البقاء حيّاً . وقد التصقت جملة " إطعام المسكين " لتأخذ بعدا وواجبا ًوأمراً دينياً بالإضافة إلى بعدها الإجتماعي والإنساني ، وذلك لتكرار الآيات القرآنية التي تأمر وتحض على إطعام المسكين ، جنباً إلى جنب مع الأحاديث النبوية بهذا الشأن كذلك .
ولنتأمّل قوله تعالى عز وجل في محكم تنزيله بهذه الآيات البيّنات : " أرأيت الذي يكذب في الدين ، فذلك الذي لا يدعّ اليتيم ، ولا يحض على إطعام المسكين " ، فنجد سبحانه عز وجل قد قرن الذي يكذب في دينه بالذي لا يدعو ولا يحض على إطعام المسكين ، فجعل من قضية إطعام المسكين مساوية للإيمان بهذا الدين ولا يكتمل الدين إلا فيها، بل ولا يكون إلا فيها ، كما ونجد أنّ رب العرش العظيم لم يترك كفّارة عن ذنب أو خطيئة أو حنث يمين أو تعويض لإفطار يوم في رمضان أو تقرّب منه عز وجل إلا وأقرنه بإطعام مسكين ، والإطعام هنا يكون بخير ما عندك من أصناف الطعام ، وليس أسوؤه والرّديء والرّخيص منه ، بل تطعم باحسن وأفضل ممّا لديك من الطعام ، بحيث تكون الوجبة مشبعة وكافية لا فتاتاً لا يعمل إلا ليسد الرّمق فقط .
حتى أنّ أموال بيت المال ، وهو في المصطلح الحديث وزارة الماليّة أو ميزانية الدّولة بشكل عام ، يخصص جزء منه لإطعام المساكين كل يوم وإلى الأبد ، وقد قال سيد بني آدم أجمعين ، سيدنا محمد عليه احسن وأفضل الصلاة والتسليم : " النّاس شركاء في ثلاثة : الماء والكلأ والمرعى " ، وقال : " والله لا يؤمن ، من بات شبعاناً وله جار ينام على الطوى " أو ينام جائعاً ، ويروى عنه عشرات الأحاديث التي تدعو وتحض النّاس على الإحسان وإطعام المساكين والتصدّق بالطعام دائماً على كل محتاج .
وكنتيجة لإتّباع تعاليم هذا الدّين العظيم الرحيم وسنن السنّة المحمدية ، لم يجد الخليفة عمر ابن عبد العزيز من المساكين من يطعمه ، فقد كان الكل شبعاناً ، فكان يلقي الطعام على تلال الجبال وفي السهول ليأكل منها الطّير .