بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد،
لا بد قبل الخوض في تبيان صفات المنافقين وخصالهم من تعريف ومعنى المنافق لغةً واصطلاحاً؛ وذلك تمهيداً لما سيأتي. وعلى هذا، فإن كلمة المنافق في اللغة مشتقة من الجذر اللغوي (نفق)، ويأخذ من هذا الجذر عدة أصول، ومنها: (النَّفَقْ) وهو القناة أو الممر الذي يُحْفر في الأرض، ويكون له مخرج من مكان آخر. والأنفاق التي تحفرها بعض الحيوانات؛ لتأوي إليها، وتسكن فيها، تسمى بـ (الجحور، أو الأجحار، ومفرد كل منهما: جُحْر).
والمنافق عند أهل اللغة: هو الذي يُظْهر الإيمان، ويُبْطن الكفر. وقد سُمِّي المنافق منافقاً؛ تشبيهاً له باليَربوع، واليربوع هو حيوان من القوارض، يشبه الفأر، ويعيش في الصحاري والمناطق الحارة، وله ساقين طويلتين، ويدين قصيرتين، وذيل طويل. واليربوع أو كما يسمى أيضاً بـ (الجربوع) يحفر لنفسه جحرين، يسمى أحدهما بـ (القاصعاء)، هو جحر ظاهر أمام الجميع، ويسمى الآخر بـ (النَّافِقاء)، وهو جحر مخفي عن الأعين، يستخدمه اليربوع للهروب في الحالات الطارئة.
وتعريف ومعنى المنافق في الإصطلاح الشرعي لا يخرج عن التعريف ومعنى اللغوي، فهو الذي يظهر الإيمان، ويبطن الكفر؛ أي أنه في الظاهر مسلم، حيث يقوم بالأعمال التي يقوم بها المسلمون، ولكنه في الباطن كافر، فلا يوجد في قلبه ولو مثقال ذرة من إيمان. والمؤمن على الرغم من كونه مؤمناً، إلا أنه قد يكون فيه شعبة أو عدة شعب من النفاق، ويكون ذلك بارتكابه لبعض المعاصي، وقيامه ببعض الأعمال التي يقوم بها المنافقون، مثل: الكذب، وإخلاف الوعد، والخيانة، وهذا النوع من النفاق لا يُخْرِج المؤمن من الملة إذا كان نفاقاً عملياً، أما إذا كان نفاقاً اعتقادياً؛ أي أنه يَسْتَحِلُّ بقلبه ما فعل من المعاصي، فهو كافر، وشأنه كشأن المنافقين الخالصين.
والمنافق عند جهمور العلماء هو الزنديق، فالزنديق والمنافق مصطلحان مترادفان، ولكن قد خالف بعض العلماء وأطلق تسمية الزنديق على مسميات أخرى لسنا بصدد الدخول فيها.
وللمنافقين الكثير من الصفات، منها ما جاء بيانه في القرآن الكريم، وبالأخص في سورة البقرة، وسورة المنافقون. ومنها ما جاء بيانه على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث جاء وصف أولئك المنافقين في عددٍ من الأحاديث التي صحت عنه.
ومن صفات أولئك المنافقين: