أقسم الله تعالى في سورة الطّارق بالسّماء والطّارق فهذا شيء عظيم أقسم به الله عزّ وجلّ؛ فالسّماء فيها آية ليتفكّر الإنسان في خلقها، فحجمها يفوق ضعف حجم الأرض، ولقد خلقت في سبع سماواتٍ طباقاً؛ فهي تحتوي على الشّمس والنّجوم والكواكب والمجرّات وغيرها من الأجسام السّماوية الّتي نعلمها وما لا نعلمها. وبالرّجوع إلى السّورة الكريمة عندما أقسم الله تعالى بالطّارق نرى في الآيات علاقة واضحة ما بين السّماء وخلق الإنسان وسنقوم بتوضيح معنى كلمة الطّارق التي تم ذكرها في هذه السّورة؟
تفسيرات العلماء والفقهاء حول الطارق
التّفسير الأوّل
بداية بعد القسم بالطّارق تبعتها آية كريمة؛ حيث قال الله تعالى: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطّارق) تشير هذه الآية إلى إبهام في معنى وكيفيّة الطّارق؛ فالطّارق اسم فاعل من الفعل طرق، والطّرق يعني أحدث نقراً وتدخّل في معنى أحدث ثقباً بفعل الصّدع والشّق من أثر الطّرق.فاسم الفاعل وهو الطّارق تدلّ على القيام بحدث الطّرق .
وفي هذا التّفسير اتّجهت بعض تفاسير العلماء بربط كلمة الطّارق بالحيوان المنوي؛ فهذا الحيوان الذّكري الّذي خلقه الله تعالى في الرّجل قادرٌ على اختراق البويضة الأنثوية وإحداث ثقبٍ فيها حتّى تتوالى الانقسامات و التّلقيح داخل هذه البويضة، وبعد التّلقيح ستتحوّل البويضة إلى جنين ينمو ويكبر داخل رحم المرأة حتّى يخرج هذا الجنين إلى خارج الرّحم على هيئة مولود صغير تلامس أنفاسه حياة الدّنيا. فتمّت الإشارة إلى هذا التّفسير عند أمر الله تعالى الإنسان كي يتفكّر من ماذا خلق؟ وكيف خلق؟ وهو تماماً عندما يشقّ الحيوان المنوي طريقه عبر السّائل المنوي الذّكري والأنثوي حتّى يصل للبويضة لتلقيحها ويتكوّن الجنين؛ ففي هذا إشارة واضحة لحدوث عمليّة ثقب عندما قال الله تعالى ( النّجم الثّاقب ).
التّفسير الثّاني
تطرّق البعض إلى أنّ الطّارق عبارة عن نجم هائل كبير في السّماء سقط على الأرض وطرقها طرقاً أحدث ثقباً فيها، ومن خلال هذا التّفسير سنوضّح مسألة يجب التأّمّل في التّفكير بها. نذكر إنّه عندما نزلت الآيات الكريمة على سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم لم يكن هناك اكتشافات عظيمة كما تطرّق إليها علماء العصر الحديث؛ حيث قام العلماء بالعديد من البحوث، ومن بين تلك البحوث والاكتشافات هو اكتشافهم لثقب كبير في أحد المحيطات القريبة لخليج المكسيك؛ حيث تصوّر العلماء على أنّ هناك نجماً عظيماً طرق ووسائل سطح الأرض في العصور المتقدّمة لخلق الحياة على الأرض، وعندما سقط على الأرض أحدث ثقباً عظيماً واحتراقاً خلّف حريقاً هائلاً دمّر الحياة الّتي كانت على سطح الأرض آنذاك، وبحجم الأرقام الهائلة الّتي تمّ الحديث عنها في تلك الدراسات يتبيّن لنا أنّ هناك قوّة عظيمة لو سقطت على الأرض فعليّاً كما يقولون لدمّرت وقضت وقامت بإخفاء الكرة الأرضيّة.
فبناءً على التفسيرين يعتبر التّفسير الأوّل لكلمة الطّارق هو الأصح والله أعلم عندما قال: (وما أدراك ما الطّارق)؛ فهذا شيء عظيم أقسم الله به ودعوته عزّ وجلّ للإنسان حتّى يتفكّر بخلقه، وتعدّ مسألة عظيمة عندما تحدثّت الآيات الكريمة عن الطّارق وهو النّجم الثاقب سواءً القادم من السّماء والحيوان المنوي القادم من الرّجل وفي هذا سمة واضحة مشتركة في الطّرق والدّق وإحداث ثقب والله تعالى أعلم.