لكلّ أمّةٍ من الأمم أياماً و أعياداً و شهوراً تفتخر بها و تفرح بحلولها في كلّ عام ، و إنّ الله سبحانه و تعالى قد خصّ هذه الأمّة بشهرٍ هو من أجلّ الشّهور و أكرمها و هو شهر رمضان المبارك الذي أنزل الله فيه القرآن هدى للنّاس و نور ، فيه تضاعف الحسنات أضعافاً مضاعفةٍ ، و العمل الصالح فيه احسن وأفضل أجراً عمّا سواه من الشّهور ، هو شهرٌ أوّله رحمةٌ و أوسطه مغفرةٌ و آخره منى الإنسان المسلم و غايته عتقٌ من النّار و فوز برضا الواحد الدّيان ، و قد بيّن النّبي محمد صلّى الله عليه و سلّم فضل هذا الشّهر و حثّ المسلمين على مراعاة حرمته و عمل الخير و الطّاعات فيه ، و قد كان النّبي الكريم جواداً كريماً و كان أجود ما يكون في شهر رمضان حيث يلقاه جبريل عليه السّلام في كلّ ليلةٍ يدارسه القرآن فكان كالرّيح المرسلة في عطائه و خاصّة في العشر الأواخر من رمضان حيث ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهرٍ ، فقد كان يشمّر عن ساعده و يوقظ أهله و يحيي ليله .
و من أدرك شهر رمضان المبارك و جب عليه الالتزام بالإمساك عن الطّعام و الشّراب و الجماع في نهاره ، فمن مفطرات الصّيام الأكل و الشرب عمداً و هذا بإجماع علماء الأمّة ، و كذلك ما يدخل في حكم الأكل و الشّرب كالإبر التي يأخذها بعض المرضى للتّغذية أو ما يدخل إلى الجوف من ماء كقطرة الأنف ، و كذلك الجماع و مباشرة الزّوجة في نهار رمضان فهذا ممّا يبطل الصّيام و تجب فيه الكفارة و كذلك الاستنماء و هو أخراج المني بقصدٍ و شهوةٍ دون الاستحلام الذي يحصل للإنسان من غير إرادةٍ في نومه ، و من مفطرات الصّيام أيضاً التّقيؤ عمداً فمن غلبه القيء لم يبطل صيامه ولم تجب عليه الكفارة ، و كذلك خروج دم الحيض و النّفاس عند المرأة هو من مبطلات الصّيام ، فإذا رأت المسلمة شيئاً من ذلك وجب عليها ترك الصّيام و قضاء الأيّام التي تفطر فيها .
و أخيراً وجب أن نتحدث عن أمورٍ قد تكون مبطلةً لأجر الصّيام عند الله سبحانه و تعالى ، بيّنها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حين قال ( من لم يدع قول الزّور و العمل به فليس لله حاجةٌ أن يدع طعامه و شرابه ) صدق رسول الله .