تكلم النبي صلى الله عليه وسلم عن جملة من الأمور الغيبية التي سوف تحدث بين يدي الساعة حيث تختل الموازين والمعايير وتضطرب، فيصدق الكاذب ويكذب الصادق، ويؤتمن الخائن، ويخون الأمين، وحيث تسود الرذائل والفواحش بين الناس حتى يصل الأمر إلى أن يغشى الرجل المرأة على جانب الطريق ويقول من يرى ذلك الفعل الشنيع لصاحبه لو تنحينا قليلا حتى لا نرى ذلك، ومن الأمور التي تحدث عنها النبي عليه الصلاة والسلام ظاهرة عجيبة غريبة هي ظاهرة الرويبضات، وإن قضاء بضعة ساعات وربما دقائق أمام شاشات الفضائيات تكون كافية لإدراك معنى الرويبضة حين تراه أمامك يتحدث في أمر العامة بكل ثقة وجرأة، وهو في معيار الأخلاق والدين حقيقة لا يساوي شيئا ولا يزن في ميزان التقوى نقيرا.
ولو تحدثنا عن الزمن الذي يظهر فيه الرويبضة ويكثر فهو بلا شك زماننا هذا، لأن الرويبضات قد كثروا فيه بشكل عجيب واحتلوا أماكنهم في الفضائيات والمنتديات ليقتحموا بيوت الناس بلا استئذان، وليضطر المرء إلى سماع ترهاتهم وأكاذيبهم في أحيان كثيرة رغم أنفه.
وقد ساهمت عوامل كثيرة في ظهور الرويبضات وانتشارهم في جسد الأمة كما ينتشر السرطان في جسد العليل، نذكر منها :
- ابتعاد الناس عن دينهم ومنهج ربهم، فالابتعاد عن شريعة الله تعالى قد انشأت جيلا من الناس يتغنى بحضارة الغرب وقيمهم ويدعو للتشبه بهم ظنا منه أن في ذلك رفعة الأمة وتقدمها، وما درى هذا الجاهل أن أمة الإسلام لا عز لها إلا بالتمسك بدين ربها وسنة نبيها عليه الصلاة والسلام.
- تكالب الغرب على أمة الإسلام من كل حدب وصوب، فقد استطاع الغرب استمالة قلوب كثير من المسلمين حتى أصبحوا مطية بيده وأداة سهلة للطعن في الإسلام وقيم وأخلاق المسلمين، كما استطاع الغرب بما يملكه من ما هى اسباب القوة من فرض شخوص بعينهم لا يمثلون حضارتنا ولا ديننا ولا قيمنا ليكونون منظرين في فضائيات وجمعيات أنشأها الغرب ودعمها بالمال.
- وأخيرا وحتى يتبين الإنسان شخصية الرويبضة فإنه تجتمع فيه عدد من الخصال تبين حقيقته، ومنها أنه كاذب لا يصدق، كما تجده فيه صفة النفاق ومجاملة أهل السلطان والمال والجاه، وهو إلى جانب ذلك كله جاهل بأمور الدين وإن بدا ظاهرا بإنه عالم بأمور الحياة، نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الطريق القويم حتى نستبين الخبيث من الطيب ونتبين الرويبضة من الناس فنتجنبه.
