البيت الحرام
البيت الحرام هو أعظم وأقدس مكان على وجه الأرض، فهو أول بيت وضع على هذه الأرض لعبادة الله عزوجل منذ عهد سيدنا ابراهيم عليه السلام، فقد جعله الله حرما آمنا يقصده الناس منذ قديم الزمان للحج، فحتى العرب في أيام الجاهلية كانوا يذهبون إليه للحج، وقد جعل الله جل وعلا لهذا البيت مكانة خاصة ليست موجودة في اى مكان سواه، لذا فإنه سبحانه وتعالى تكفل بحمايته ودرء أي اعتداء قد يقع عليه، وفي مقالنا هذا سنتعرف على قصة الإعتداء على بيت الله الحرام، وطريقة كيف حماه الله تعالى من هذا الاعتداء، وذلك كما ورد في سورة الفيل في قوله عزوجل : "ألم تر طريقة كيف فعل ربك بأصحاب الفيل* ألم يجعل كيدهم في تضليل* وأرسل عليهم طيرا أبابيل*ترميهم بحجارة من سجيل* فجعلهم كعصف مأكول".
قصة أصحاب الفيل
بدأت القصة عندما قام أبرهة الأشرم ـ وهو قائد جيش الحبشة آنذاك ـ ببناء كنيسة كبيرة وعظيمة وأسماها القليس، وذلك ليحرف مسار حج العرب إليها بدلا من البيت الحرام، إلا أن رجلا من بني كنانة قام بفعل مشين فيها فقد تغوط في الكنيسة، الأمر الذي أغضب أبرهة كثيرا وجعله يقسم بأن يذهب إلى مكة ليهدم الكعبة، إنتقاما لما فعله ذلك الرجل بكنيسته، لذا قام بتجهيز جيشا جرارا، يضم الكثير من الفيلة، وسار به إلى أن اقترب من الوصول إلى مكة وهناك قام بإرسال رسله لأهالي مكة يخبرهم أنه لا ينوي قتالهم وأن كل ما يريده هو هدم الكعبة فقط، في البداية أغضب هذا الأمر أهالي مكة كثيرا إلا أنهم أدركوا في ما بعد أنه لا طاقة لهم بقتال أبرهة وجنوده، فتركوه.
قبل أن يدخل أبرهة وجنوده مكة أمرهم بأن يقوموا بنهب كل ما يجدونه أمامهم من أموال، وكان من ضمن ما نهبوه مئتا بعير لعبدالمطلب بن هاشم جد النبي عليه الصلاة والسلام، وبعد ذلك أمرهم بأن يأتوه بشريف مكة، فأحضروا له عبدالمطلب، وعندما وصل إلى هناك دهش أبرهة من مظهره، فقد كان عبدالمطلب رجلا جسيما ووسيما ذو هيبة ووقار، فأجلسه بجانبه وسأله عن حاجته، فقال له عبدالمطلب: "حاجتي أن يرد علي الملك مئتي بعير أصابها لي"، فتعجب أبرهة من طلبه وقال له : "تكلمني في مئتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك، قد جئت لهدمه؟"، فأجابه عبدالمطلب قائلا: "إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه عنك"، فقال له أبرهة: "ما كان ليمتنع مني"، فأجابه عبدالمطلب: "أنت وذاك"، وبعد ذلك رجع عبدالمطلب إلى قريش وأخذهم معه ليشكلوا حلقة حول الكعبة حتى يدعوا الله ويستنسصرونه ليحمي الكعبة.
طير الأبابيل
توجه أبرهة وجنوده إلى الكعبة لهدمها، إلا أنهم لم ينالوا مرادهم، فقد أتى أمر الله بإهلاكهم، بحيث بعث لهم طيورا تحمل أحجارا طينية صلبة لترميهم بها، وبعد فترة وجيزة من رميهم بتلك الأحجار لم يلبثوا إلا أن أصبحوا كأوراق الشجر الجافة والممزقة، وهزم أبرهة وجنوده شر هزيمة، والطيور التي كانت تحمل تلك الأحجار تسمى طيور الأبابيل، ومعنى كلمة الأبابيل في اللغة سربا وراء سرب، متتابعة ومتجمعة، وقد اختلفت الروايات حول وصف تلك الطيور، فالبعض قال بأنها طيور لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكف كأكف الكلاب، ورؤوسها كرؤوس السباع، أما ألوانها فهي تتعدد بين الأسود والأبيض والأخضر، وتمتلك مناقير صفراء اللون، ومنهم من أعتبرها الخطاطيف.