القضاء والقدر
يعتبر الإيمان بالقدر خيره وشره ركنا من أركان الإيمان، ولا يصح إيمان المسلم ما لم يتم الإيمان به. اختلف العلماء وتعددت الآراء حول إيجاد فرق بين القضاء والقدر، فقد قال البعض بأنه لا يوجد فرق بينهما فمعناهما متشابه، أما البعض الآخر فقد قالوا بأنه يوجد اختلاف بمعنى القضاء ومعنى القدر، وقد بينوا أن القضاء هو حكم الله تعالى بالأمر عندما يقع، والقدر هو تقدير الله تعالى للأمور في الأزل، وتوضيحا لذلك الأمر؛ فالقضاء هو قضاء الأمر عند وقوعه، أما القدر فهو تقدير من الله لأمر معين يحدث في وقته أو لا يحدث.
مفهوم وتعريف ومعنى القضاء والقدر
الناحية الشرعية: هو تقدير الله تعالى للأمور في القدم، وكتابته للأمر ومشيئته له وعلمه بوقوعه بأوقات معلومة وبصفات مخصوصة، ووقوعها حسب تقديره عز وجل. اللغة: القضاء هو التفصيل، وإحكام الأمر وإتمامه، وتسمية لأمر وقع. القدر: التقدير، وتسمية لأمر لم يقع بعد.
منزلة الإيمان بالقضاء والقدر
- منزلة العلم: هو إيمان المسلم بالله تعالى وبعلمه المحيط بكل أمر، والذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة لا في السموات ولا في الأرض، وبأن الله عز وجل علم جميع مخلوقاته قبل أن يخلقهم ويعلم ما عملوا وسيعملوا، بدليل قوله تعالى: "هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة".
- منزلة الكتابة: وهو إيمان المسلم بأن الله عز وجل كتب لجميع مخلوقاته مقاديرهم قبل أين يخلقوا في لوح محفوظ، بدليل قوله عز وجل: "ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير"، وأيضا بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة".
- منزلة المشيئة والإرادة: وهو إيمان المسلم بأن كل الأمور بهذا الكون تجري بمشيئة الله عز وجل، ولا يخرج شيء عن إرادته سبحانه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، بدليل قوله تعالى: "ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ".
- منزلة الخلق: وهو إيمان المسلم بأن الله تعالى خالق كل ما في هذا الكون وكل شيء فيه، ومنها أفعال جميع عباده، بدليل قوله عز وجل: "والله خلقكم وما تعملون"، وقوله تعالى: "الله خالق كل شيء"، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "إن الله يصنع كل صانع وصنعته".
الخوض بمسائل القدر
يعتبر الإيمان بالقدر اختبار قوي لمدى معرفة العباد بالله عز وجل، وما يترتب عليها من يقين به والإيمان الصحيح به؛ فقد أثار بعض أعداء الإسلام أقاويل ليثيروا البلبلة في العقيدة بحديثهم عن القدر ودس الشبهات فيه، لذلك فإنه لا يثبت أي شخص أن إيمانه صحيح إلا إذا عرف صفات الله تعالى العليا وعرف أسماءه الحسنى، وكان يقينه بالله تعالى يقينا قاطعا وواثقا به عز وجل، فلا يجد لنفسه سبلا للشبهات أو للشكوك.