مقدمة
الإنسان عبارة عن كائن حي يعيش على كوكب الأرض، وهو الكوكب الذي يصلح للعيش؛ لما يتوفر به من أساسيات الحياة المختلفة كالماء والطعام والمسكن والملبس، وذلك بفضل الله الذي منح الإنسان نعماً كثيرة وأكرمه بها، أما النعمة الكبرى وهي العقل الذي منحه إيّاه، ولذلك، أبدع الإنسان في صناعة وابتكار الكثير من الاكتشافات، وعلى النقيض، تجد الناس تؤذي بعضها أحياناً، وقد يبتلى الإنسان بالمصائب، كالحروب والكوارث التي دمرت الحضارات البشرية المختلفة، كالحرب العالمية الأولى والثانية التي جعلت العالم يتأخر في تقدمه المعماري والصناعي والتكنولوجي، وتضفي على الإنسان القلق والخوف على مر السنين.
قد يُشفى الإنسان من الإصابات الجسدية، ولكن خسائره المعنوية فاقت حدود التصور، فأمّا المعنوية هي تلك التي تتعلق بالخوف والقلق ومشاعر الحزن والحالة النفسية، التي تبقى آثارها تنهش الإنسان الذي عاش كل تلك الفترة، فقد سقط الكثير من الضحايا والخسائر البشرية، والتي لا يمكن تعويضها مقابل الخسائر المادية.
أساس حالة الخوف
كل هذه الأحداث المأساوية هي أساس لحالة الخوف والقلق الذي يحيط بالإنسان من كل الجوانب، من الحروب العالمية إلى الحروب التي لحقت بالشعوب العربية، ومنها إلى الثورات العربية، وعند حديثنا عن الثورات العربية فإنّنا نجد أنّها خلفت الكثير من الضحايا والخسائر البشرية والمادية، وبالتالي، فإنها تقلق المجتمعات العربية، ولا أي ضمان لمستقبل الشباب العربي، ولذلك، يبقى الشاب العربي دائم القلق والخوف على نفسه وعائلته ومستقبله.
الخوف الذي نتحدث عنه هو شعورٌ قوي ومزعج جداً للنفس البشرية، وهو يدفع الإنسان باتجاه اعتقاد خطر قادم إما حقيقي أو خيالي، والخوف هو أعظم عدو قد يلحق بالإنسان، ولا شك بأن شعور الخوف هو سبب كبير في فشل الإنسان، وخلل علاقاته البشرية الكثيرة، وأيضاً هو سبب لإصابته بالأمراض، والإنسان يخاف من الماضي والحاضر والمستقبل والشيخوخة والموت والجنون، فيبقى خائفاً إذا ترك ماضياً بشعاً يلاحقه، ويخاف أن يعيش الحاضر، فيعتقد الموت دائماً، ويخاف من المستقبل، فيبقى معتقداً أنّه بلا مستقبل، وسيفشل دائماً.
أنواع الخوف
- الخوف الموضوعي: ويكون هذا الخوف نتيجة لحدوث خطر حقيقي يهدد حياة الإنسان، ومن الممكن أن تكون له عواقب لا يحمد عليها، وبالتالي، فإن الخوف في هذه الحالة يكون أمراً طبيعياً جداً، ولا داعي للخوف.
- الخوف المرضي أو غير الموضوعي: يكون الخوف في هذه الحالة أمراً أشبه بالمرض النفسي، أو أن يكون نتيجة عن مجموعة من الاضطرابات النفسية، أي أنه ليس هناك أي خطر يهدد الإنسان، وإنّما فقط يكون الأمر مجرد حالة نفسية يعاني منها الشخص، وبالتالي، فإن هذا الخوف يحتاج إلى استدعاء طبي فوري.
- كما أن هناك أشكال أخرى من الخوف: كأن يخاف الإنسان نتيجة اقتراب كلب أو حيوان مخيف من شخص ما، أو أن يكون هذا الخوف ناتج عن حالة من التشاؤم التي تصيب الإنسان، أو أن يخاف من البرق والرعد، وهذا النوع من الخوف يكون طبيعياً.
يعتبر الخوف طبيعياً في حالة تواجد السبب الذي يستدعي الخوف، أمّا في حالة لم يكن هناك سبباً فإن الخوف يكون مرضياً.
ما هى اسباب خوف الإنسان
- الخوف الوهمي: وهو خوفه من الظلام والأماكن المظلمة دائماً؛ لارتباط هذا الشيء باللصوص والجن.
- وقوع الأشياء المفاجئة، وصدور أصوات قوية، كشدة المثير، أو حدوث شيء مفاجئ يجعل الإنسان يشعر بالخوف الشديد.
- الخوف في كثير من المواقف ينتقل عن طريق العدوى، فعندما يتحدث شخص أمام آخر عن بعض الأمور المخيفة، فإنّه سوف يتذكر ذلك لاحقاً، ويشعر بالخوف.
- الخوف يرتبط في المواقف غير السارة، والتي تبقى عالقة في ذهن الإنسان، ويبقى يفكر فيها دائماً.
- مشاهدة المناظر المخيفة والمرعبة من خلال الأفلام أو المشاهد الواقعية؛ نتيجة الصدامات والخلافات والحروب.
- مخاوف الأطفال الكثيرة المتعلقة بفقد الأم أو الأب، وفقد الحب والرعاية.
- حالات الخوف الانفعالية قد تنتقل من شخص لآخر، فمثلاً إذا كانت الأم تخاف من القطط، فإن ابنها سوف ينشأ وهو يخاف من القطط.
- البيئة الأسرية المحيطة، والتي تكون مليئة بالشجارات والخلافات الدائمة.
- تخويف الآباء لأبنائهم من أشياء بغرض السخرية والتسلية، ولكن هذا قد يولد مشكلة تكبر عند الطفل، ويبقى دائم الشعور بالخوف.
- الخوف من الامتحانات.
- الخوف والقلق من التفاعل الاجتماعي مع المجتمع.
طرق ووسائل طرد الخوف من حياة الإنسان
- الاعتراف بالخوف: فالخوف هو إحساس طبيعي يمر به الإنسان، ولكن في كثير من الأحيان يكون الخوف نافعاً للإنسان، إذا جاء مناسباً للموقف الذي تعرض له، فهو ينبه الشخص لاقتراب خطر ما، وهذه خطوة تجعله يتخلص منه ويعترف به.
- فصل الخوف عن الموقف الذي يتعرض له الشخص: وبهذه الحالة فإنه يضع مسافة بين حقيقة الموقف الواقع، وبين إحساس الإنسان بالخوف، وبالتالي، يستطيع أن يقيم ويقدر الخوف الذي يشعر به، وأن يحدد إذا ما كان هذا الموقف يُلاءم الموقف أم مبالغاً فيه.
- التغيير: كل إنسان يعيش على هذه الأرض بلا شك يريد التغيير، سواء تغيير إيجابي لحياة أفضل، أو تغيير سلبي لحياة أخرى، وهذا التغيير فطرة في النفس البشرية؛ لأن للتغيير جزء كبير فيما يريده الإنسان.
- أن تجعل إيمانك بالله تعالى قوياً، وتكون على يقين بالله، وتعرف أن كل شيء قدره الله تعالي، فلماذا الخوف إذاً؟
- العلاج و دواء بواسطة الطبيب النفسي، فيقوم الطبيب باستحضار الخبرات المؤلمة التي تسبب الذعر والخوف للإنسان، ثم تحليلها جيداً.
- عند الخوف من الحيوانات الأليفة، فيمكن أن تقرب الأشياء المخيفة من الشخص بشكل تدريجي؛ حتى يتم رفع الصورة الوهمية في مخيلته، واستبدالها بصورة حقيقية.
من هنا، فإنّ الخوف يعتبر من الأمراض ذات العواقب الوخيمة، فهو مرض فَتَّاك، وأحد الما هى اسباب للإصابة بالكثير من أمراض الروح والجسد والنفس، وبلا شك، فإنّ الالتزام بقراءة القرآن الكريم يومياً، والأذكار الصباحية والمسائية، وكذلك الرقية الشرعية، كل هذا يزيل الخوف والقلق، ويبعث الطمأنينة والراحة في النفس البشرية، والعامل الأساسي يقع على عاتق الأسرة، التي تقوم بتربية أبناءها على القيم الصحيحة والسليمة، وعند تعريض الأبناء للعنف، وتخويفهم من بعض الأمور فقط لغرض التسلية والمزاح، أو حتى لغرض العقاب، فهذا كله ينعكس سلباً على حياة الشخص، فيصاب بأمراض نفسية، وأيضاً بالخوف والقلق الدائم.
أخيراً، فإنّ المجتمع السليم هو الذي يحمي أفراده من وقوع المشاجرات وحالات العنف والحروب، التي تؤدي إلى المشاكل وعيوب النفسية ومشاكل وعيوب القلق والخوف لأفراد المجتمع، وبالتالي، يقل مستوى الإنتاج للفرد، ويصبح جل اهتمامه بالأشياء التي تخيفه، ومحاولاته الكثيرة بالابتعاد عنها، كما أن الخوف هو حالة طبيعية يعيشها جميع الأشخاص، ولا يستدعي القلق، ولكن يجب أن يتحكم الإنسان في نفسه؛ لئلّا يزيد عن الحد المطلوب، فتصبح أضراره أكبر، كما أن الخوف لدى الأطفال والنساء يكون أمراً طبيعياً جداً، ولكن في حالة كان الخوف حالة تصيب الرجال يجب أن يتطلب الأمر استدعاء طبي؛ لأن الأمر يكون نتيجة لمعاناة الشخص من بعض الأمراض النفسية، أو من بعض النقص في بعض الجوانب.