العبادة
خلق الله سبحانه وتعالى الناس من أجل تحقيق غاية عظيمة ومهمة جليلة وهي عبادة الله تعالى في الأرض، قال تعالى ? وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ?، فالناس لم يخلقوا عبثا، ولم يتركوا سدى وحاشا لله تعالى من ذلك، وإنما كان خلقهم لتحقيق الاستخلاف الشرعي في الأرض بكل ما يتضمنه من مظاهر عبودية وخضوع للواحد الأحد، الفرد الصمد.
عرف العلماء المسلمون العبادة لغة واصطلاحا، فلغة تعني العبادة الخضوع والتذلل، وفي الاصطلاح فإن العبادة هي الخضوع لله تعالى خالق البشر جميعا خضوعا تظهر آثاره في حياة العبد وتتبدى مظاهره في جميع جوانب حياة الإنسان العقدية والفكرية والسلوكية، كما تعني العبادة في المعنى الشامل الجامع الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة والشعور الإنساني الذي يحقق الإنسان من خلاله مفهوم وتعريف ومعنى العبودية الحقة لله تعالى.
أركان العبادة
حتى يتحقق مفهوم وتعريف ومعنى العبادة الحقة ينبغي أن يتوفر فيه ركنان أساسيان هما الخضوع والمحبة، فالخضوع يكون بخضوع القلب والجوارح لله تعالى وانقيادها لأوامره سبحانه، والمحبة هي أن يكون الله سبحانه وتعالى أحب إلى قلب الإنسان مما سواه من المخلوقات والأنداد، فلا عبادة بدون محبة، ولا عبادة بدون خضوع صادق.
أقسام العبادة
قسم العلماء العبادة من حيث نوعها إلى عبادة كونية، وعبادة شرعية، فالعبادة الكونية هي خضوع الناس جميعا إلى الله تعالى خضوعا كونيا إجباريا لا اختيار فيه، قال تعالى: (إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا )، وهناك العبادة الشرعية لله تعالى وهي تعني تحقيق العبودية وفق ما أراد الله تعالى ووفق منهجه وشريعته التي ارتضاها للناس، وطاعة أوامره والتزام نواهيه، وتوجه القلب والشعور إليه وحده من خلال الدعاء والتوسل والإنابة والتذلل.
أنواع العبادة
إن العبادة من ناحية الأثر والنفع تنقسم إلى قسمين، عبادة ذاتية تنفع الإنسان وحده، ومثال عليها الصلوات والصوم وغير ذلك، فهذه العبادات تخص الإنسان وحده ويحصل منها على الأجر، وقد تكون العبادة متعدية ينفع الإنسان من خلالها الناس جميعا، ومثال عليها الزكاة التي يؤديها المسلم وينفع فيها نفسه وغيره، فهو ينتفع من أجرها وحسناتها، وغيره ينتفع من المال الذي يتحصل عليه من خلالها.
لا شك بأن هناك الكثير من الأفعال والأقوال التي تدخل في مفهوم وتعريف ومعنى العبادة، فكل ما يبتغي فيه المسلم وجه الله تعالى ونيل رضاه يعتبر عبادة، فحسن الخلق وطيب المعشر والإحسان إلى الناس، وإصلاح الأرض بالعمل، وتربية الأجيال، كلها مظاهر للعبادة الحقة لله تعالى.