نعيش في هذه الحياة ضمن مجتمعات إنسانية يتفاعل الفرد فيها مع الجماعة في ظلّ الميل الإنساني بطبعه وغريزته إلى التفاعل مع الآخرين ، وإحداث علاقات مبنيّة على المصالح المشتركة وتحقيق الأهداف العامّة والخاصّة كذلك.
والإنسان أثناء تفاعله مع المحيط الإنساني والاجتماعي من حوله لا بُدَّ وأن تظهر طبائعه ، فإمّا أن يكون إنسانا فعّالاً وبايجابية مع الآخرين ، أو أن يكون سلبياً غير محبوب من أحد وذلك بسبب تصرّفاته وأفعاله التي تبدر منه.
ومن السلوكيات الإنسانية التي تصنّف على أنّها حالة سلبيّة هي مسألة الشكّ ، فالشكّ إذا كان طبعاً لدى الإنسان واستمرّ على حالته تلك من الشكّ فقد يخسر علاقاته مع الآخرين ، وربّما يفقد زملائه وأصحابه وأدّى به الأمر أن يبغضهُ أقرب الناس إليه وهم أهله وزوجته.
يبدأ الشكّ عند الإنسان ربّما كطبع نفسي في جبلّة الإنسان الخلقية ومع ذلك فيستطيع الإنسان التخلّص منها ومحاولة تخطّيها واستبدالها بمشاعر الثقة والأمن والأمان ، وقد يكون الشكّ نتيجةً لحدثٍ ما أو لموقف مرَّ به مع أحد الأشخاص وبالتالي ترتّب عليه أن يَشُكّ بهذا الشخص كثيراً وربَّما تعدّاهُ الأمر إلى أن يشكّ بكلّ الناس من حوله ، والشكُّ الذي يكون نتيجة المرور بموقف من أحد الأشخاص لا نستطيع القول بأنّه حالة مرَضيّة ، بل هو شعور إنساني طبيعي خصوصاً إذا كان من طبع الشخص الذي له مواقف سابقة غير صحيحة وبالتالي لا يُمكن أن نأمن جانبه ، اللّهم إلاّ إذا تاب وتغيّر حاله فلا نستطيع أن نتركه في دائرة الشكّ، ونرى ذلك الأسلوب مُتّبعاً عند رجال التحقيق والبحث الجنائي حين يشكّون بأحد المتّهمين الذين لَهم أسبقيات وجرائم بأنّ لهم ضلعاً بأحد القضايا ، وهذا النوع من الشكّ كما قلنا هو شكّ طبيعي وليسَ الشكّ المعني في هذه المقال.
وقد يكون الشكّ الغير طبيعي بين الرجل وزوجته أو العكس ، وكما قلنا أنّ هذا الشكّ لا بدَّ أن يؤدّي إلى ضياع الأسرة وتهدّمها ، فلا يؤدّي الشكّ بين الزوجين إلى خيرٍ أبدا ، بل يجب التخلّص من هذا الشكّ عن طريق إتّباع أسلوب الحوار ، ومعرفة مواطن الخلل ؛ لأنّ الشكّ لا يحدث إلاّ بوجود انقطاع في التواصل العائلي فلو كان للحوار مكاناً بينهم لم تَصِل الأمور إلى هذا المستوى المتدنّي من الشكّ والريبة ، وعلى الزوجين أن يكونا واضحين تماماً مع بعضهم ، وعلى كلّ واحد منهما أن يتحدّث للآخر عن ما يدور بخاطره ويكونا كأنّهما كتابين مفتوحين ، فبهذه الأساليب من فتح الحوار والنقاش ، ومن زرع الثقة في العلاقة ، كُلّها تؤدّي بالتأكيد إلى التخلّص من الشكّ وزرع الثقة والمحبّة بدلاً منها.