نرى في الصحف والمجلات وحتى في وسائل الإعلام الأخرى المرئيّة منها والمسموعة أنّ هناك ذكرٌ دائم للأبراج والتوقّعات الفلكيّة، فنجدها تحت عناوين مثل: برجك اليوم أو حظّك اليوم أو حظّك من برجك وغيرها. وتدّعي هذه الأبراج أنّها تستطيع أن تخبرك بما سيحصل معك في يومك وتتنبّأ لك بمستقبلك. ونجد أنّ العلماء في هذا المجال ينشرون كتباً في بداية كلّ سنة تحتوي على التوقّعات المأخوذة عن دراسة وضع الأبراج الفلكيّة ما يكفي لأن يغطّي سنةً كاملة. وتصل ببعض الأشخاص أنّهم لا يستطيعون بدء يومهم من دون أن يقرؤوا توقّعات أبراجهم، وحتّى أنّ هوس البعض يجعلهم يصدّقون كل كلمة منها، وهم حتّى قد ينعزلون عن العالم إذا ما كانت التوقّعات ضدهم، وهذا قد يدفعنا كي نتساءل عن ماهيّة الأبراج وكيفيّة نشأتها.
الأبراج
تُعرّف الأبراج الفلكيّة بأنّها عبارة عن تقسيمات لمسار الشمس أو كما تُعرف باسم دائرة البروج، وتقسم إلى اثنا عشر قسماً متساوياً. ودائرة البروج هي الدائرة التي يمرّ فيها كلٌّ من الشمس والقمر والكواكب الثمانيّة، وعن طريق تقسيم هذه الدائرة يصبح لدينا اثنا عشر برجاً فلكياً، وتمّت تسمية هذه الأبراج بأسماء الحيوانات أو الشخصيات الأسطوريّة والدينيّة القديمة، وهذه الأبراج بالترتيب هي: برج الحمل، وبرج الثور، وبرج الجوزاء، وبرج السرطان، وبرج الأسد، وبرج العذراء، وبرج الميزان، وبرج العقرب، وبرج القوس، وبرج الجدي، وبرج الدلو، وبرج الحوت.
إنّ أصل الأبراج الفلكيّة يعود إلى العهد البابليّ؛ حيث إنّ تقسيم دائرة الأبراج أو دائرة السماء إلى اثني عشر قسماً وجد في مخطوطات مدينة بابل القديمة، وكما أنّ هناك مجموعة من المخطوطات القديمة التي تعود للعهد السومريّ تشير إلى أنّ علامات و دلائل الأبراج تعود للعهد السومريّ، ولكن مع ذلك هي بالأصل ترجع إلى العهد البابليّ.
وقد تأثرت الثقافة الإغريقيّة بعلوم الأبراج التي أوجدتها مدينة بابل؛ حيث اختلط فيما بعد علم التنجيم الّذي كان معروفاً لدى المصريين القدماء بعلم التنجيم البابليّ، ونتج عن هذا الاختلاط وبناءً على الثقافة البابليّة الربط ما بين منظومة الكواكب والنجوم السماويّة وبين يوم ولادة الإنسان. وكما تَمّ الربط أيضاً ما بين الأبراج الفلكيّة وفلسفة الإغريق ورموزهم الإغريقيّة التي ترى أنّ للكون أربعة عناصر رئيسيّة وهي: الماء، والهواء، والنار، واليابسة، وبذلك أصبحت هذه الرموز تمثّل الأبراج المختلفة والّتي لا زالت تستخدم إلى الآن. وقد تأثّرت دول أوروبا بالأبراج الفلكيّة وعلم الفلك الإغريقيّ والرومانيّ وأخذتها منها، وهذه كانت بداية نشأة علم التنجيم الّذي يستخدم في الوقت الحاضر.