أحمد بن حنبل :هو فقيه ومحدث في الدين والإسلام ، كما أنه رابع إمام في الأئمة الأربعة التي يتبعها أهل السنة والجماعة ، وهو أبو عبدلله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الذهلي ، ولد في سنة 780 م وتوفي في سنة 855 م ، وسمي مذهبه باسمه ، المذهب الحنبلي ، والذي يتبعه على خطاه عدد كبير من المسلمين في يومنا هذا ، ويلجأ الكثير من الناس إلى الفتوى من كتبه التي كان يؤلفها في حياته ، والتي من أشهرها كتاب المسند ، الذي يعتبر من أشهر كتب الحديث التي وصلت إلينا في عصرنا الحالي ، وقد أثنى عليه الإمام الشافعي بقوله أنه لم يرى أورع ولا أتقى من الإمام أحمد بن حنبل .
كانت نشأة الامام أحمد بن حنبل في بداية حياته صعبة ، حيث أنه ولد في بغداد ونشأ يتيماً ، وكانت بغداد تابعة للعصر الإسلامي في ذلك الحين ، كما أن بغداد كانت رمز العراقة الإسلامية في ذلك الحين ، وقد كانت تزخر بأنواع المعارف والفنون الاسلامية القيمة ، نشأ في أسرة تمجد العلم ، وزرعت حب العلم في نفسه منذ الصغر ، فكان أهله يحثوه على طلب العلم ، فبدأ في ببادئ الأمر يتعلم على يد شيخه هشيم بن بشير الواسطي ، وبعد وفاة شيخه بدأ في رحلاته لطلب العلم ، فرحل إلى الحجاو وتهامة واليمن قاصداً جميع الشيوخ والعلماء في الفقه والسنة ، وتتلمذ على يد أكبر المشايخ في ذلك العصر ، وكان معروف عنه أنه نبيه وسريع البديهة وقوي الذاكرة ، كما أنه كان على دراية واسعة بالكثير من الأمور الدينية ، وكان يحب الإلتحاق بمجالس الذكر والعلم ، لعله يجد بعض ما يروي به تعطشه لأخذ المزيد من العلوم ، وأصبح الناس يجتمعون حوله ويسمعون أحاديثه بعد بلوغه لعامه الأربعين .
تعرض الإمام أحمد بن حنيل إلى محنة شديدة في العصر العباسي في عهد الخليفة المأمون بالتحديد ومن ثم المعتصم والواثق ، وهي محنة " فتنة خلق القرآن " ، والتي كان مفادها أن هؤلاء الخلفاء الثلاثة اعتقدوا أن القرآن مخلوق محدث ، ولكن أحمد بن جنبل والكثير من الأئمة عارضوا هذا الأمر ، مما أدى إلى تعرض الإمام احمد بن حنبل إلى الحبس والتعذيب ، ولكن خرج فيما بعد ، وعاد إلى التدريس والتحديث من جديد ، وأما في عهد الواثق ، منع الواثق الناس من الإجتماع بالإمام أحمد بن جنبل ، وكان من يجتمع به يتعرض للحبس ، وانتهت هذه المحنة بعد تولي المتوكل الحكم ، قام بإنهائها بشكل كامل ، وعرف أحمد بن حنبل في ذلك الحين بالصبر ، حيث أن الله ألهمه الصبر على هذه المحنة والتي استطاع أن يجتازها بسهولة ويسر ، ومن ثم مرض الإمام أحمد بن حنبل مرضاً شديداً مما أدى إلى وفاته .
