جاء إرسال الرسل بهدف غاية أرادها الله سبحانه وتعالى، وذلك لشرح رسالة الإسلام حتّى يستطيع العبد فهم ما له وما عليه من واجبات ومسؤوليات وحقوق، كما وخصّ الله تعالى بعض عباده بالفطنة، والفصاحة، وسرعة البديهة وغيرها من المميّزات التي يسخّرها من أجل دراسة وشرح رسالة الإسلام بعد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومن هؤلاء الأشخاص هو الإمام الشافعي.
الشافعي هو محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي، والمُكنّى بأبي عبد الله، ولد عام 150 هجري، ولكن هناك اختلاف في تحديد مكان الولادة فمنهم من يقول أنّه ولد في عسقلان، ومنهم من يقول في منى، ومنهم من يقول أنّه ولد في غزة مع بقاء هذا الرأي هو الأرجح.
توفي والد الشافعي وهو صغير جداً عندما ارتحل إلى فلسطين من أجل الالبحث عن الرزق، حيث ربّته والدته التي يقال أنها يمانيّة من الأزد وقيل من قبيلة الأسد وعموماً هي من قبيلة عربيّة، حيث إنّها في عمر السنتين للشافعي قرّرت أخذه والعودة إلى مكة المكرمة من أجل المحافظة على نسبه وللقيام بتعليمه مختلف العلوم التي كان الأطفال الذين في عمره يتعلمونها مثل تدارس القرآن الكريم.
حفظ الإمام الشافعي القرآن الكريم كاملاً وهو بعمر السبع سنوات، كما أنّه كان يتميّز بصوت شجيّ ومُؤثّر، وقد تعلّم الشافعي أيضاً علوم الأدب، واللغة، والشعر وكان متميّزاً فيها جميعاً، وبقي ينهل من هذه العلوم من مختلف المناطق وعلى يد أمهر العلماء، ثمّ اتجه من بعد ذلك لطلب علم الحديث والفقه وتفرّغ لها، حيث إنّه قابلَ الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه وتعلّم على يديه الشيء الكثير، وقد أُعجب فيه الإمام مالك وتوقّع له بأن ينال شأناً عظيماً، إلى جانب حثّه له على متابعة التعلّم.
لقد اشتهر الشافعي بغزارة علمه في علوم القرآن الكريم، وعلوم الحديث، والفقه، وفي علوم الأدب، والشعر، فكان فصيحاً عالماً، وبالرغم من هذا العلم الغزير الذي يحمله كان متواضعاً، وعُرِف بالورع، والعدل، والزهد، كما كان لا يُحب الشبع الكثير من الطّعام لأنه كان يرى فيها ثقل للبدن، وغياب للفطنة، ويجعل صاحبه كثير النّوم وقليل العبادة، كما كان يتّصف بالكرم أيضاً.
توفي رحمه الله تعالى برحمته عام 204 للهجرة في يوم الجمعة آخر ليلة من رجب بسبب مرض البواسير كما قيل، في جمهورية مصر العربية، وكان عمره عند وفاته 54 عاماً قضاها في طلب مختلف العلوم وبرع فيها وقدّم إلى الناس كتبه التي يستفيدون منها في فهم أمور دينهم وأمور دنياهم.