الدُّعاء
الدُّعاء كما أخبر النّبي صلى الله عليه وسلم هو مخُّ العبادة؛ فالله سبحانه وتعالى يفرح بسؤال عباده له ودعائهم إياه، وهو الغنيّ عنهم وهم المحتاجون له، ويُحبُّ الله المُلِحين- أيّ الذين يُكثرون من الدُّعاء والسُّؤال- ويقربهم منه، ولقد استشعر أصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر وأدركوه جيدًّا.
كانوا يسألون الله كلَّ شيئ صغيراً كان أم عظيماً؛ فلا يُنزلون مسائلهم وحوائجهم إلى أحدٍ من خلقه، وذلك لشدّة تعلقهم بالله ودنوِّهم منه امتثالًا لقوله تعالى:( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ? أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ? )؛ ففي هذه الآية الكريمة خاطب الله تعالى عباده مباشرةً؛ فلم يطلب من النّبي صلى الله عليه وسلم أنْ يقول لهم ذلك- أي لم يقلْ في الآية كلمة قلْ بمعنى قلْ لهم يا محمَّد، كما جاء في كثيرٍ من المواضع في القرآن الكريم- وإنّما خاطبهم بنفسه؛ للدلالة على قُرب الله عزّ وجلّ من الدَّاعين.
الدُّعاء له المنزلة العُظمى والفُضلى عند الله تعالى؛ فمن جعل بينه وبين الله واسطةٍ في دعائه فقد شبّه الله بخلقه وأشرك به؛ فالدُّعاء عبادةٌ لا تُصرف إلا له.
الدُّعاء المُستجاب
استجابة الدُّعاء أمرٌ منوطٌ بحكمة الله وأمره وتقديره؛ لكن على العبد تحرِّي الما هى اسباب التي تُعينه على أنْ يكون دعاؤه مستجاباً؛ فبالدُّعاء يُرفع البلاء، ويُردّ القضاء، وتتنزّل الرَّحمات، ومن الأمور المُعينة على إجابة الدُّعاء ما يلي:
- اختيار التَّوقيت الزَّمنيّ الذي يُرجى فيه استجابة الدُّعاء، ويكون من الأوقات المُباركة كالثُّلث الأخير من اللَّيل، والسَّاعة الأخيرة من يوم الجُمعة، وليلة القدر، وشهر رمضان، وعند الإفطار.
- اختيار المكان الذي يُرجى فيه إجابة الدُّعاء لشرفه وعلوّ منزلته عند الله كمكّة والبيت الحرام، وجبل عرفة، وفيما بين باب الكعبة والحجر الأسود.
- أمورٌ تعين على إجابة الدُّعاء منها:
- برُّ الوالديّن والإحسان إليهما.
- صلة الرَّحم والقِيام بواجب الأهل والأقارب.
- ردّ الحقوق إلى أصحابها ومجانبة الظُّلم والعدوان.
- الكسب الحلال وتجنُّب الشَّهوات.
- اليقين الجازم بأنّ الله وحده من بيده مفاتيح إجابة الدُّعاء وتحقيقه.
- تجنُّب الدُّعاء بالإثم أو نزول البلاء على أحدٍ من الخلق أو الدُّعاء بقطع الرَّحم.
- عدم الاستعجال بتحقيق الدُّعاء فما من شيءٍ تأخر إلا لحكمةٍ بالغةٍ لا يعلمها إلا الله.
- الالتزام بآداب الدُّعاء من الخضوع والخشوع بين يديّ الله، وإظهار الذُّل والافتقار إلى الله، وبدء الدُّعاء بالثَّناء عليه بأسمائه وصفاته، ثُمّ حمده وشُكره، ثُمّ الصَّلاة والسَّلام على نبيّه، ثُمّ البدء بالمسألة بألفاظٍ مؤدَّبةٍ وعدم التَّكلُف في استخدام اللُّغة والتَّعابير.
- اغتنام الحالات التي يكون فيها الإنسان في أمسَّ الحاجة إلى الله فيكن حينها مُنكسراً خانعاً كوقت المرض، والحرب، والسَّفر.